النكبة الشاملة بقلم كاظم محمد
لم تجتمع كلمات التوصيف ، كما أجتمعت في الحالة العراقية ، ولم يعرف التأريخ الحديث جريمة دولية بهذا الحجم ، كما هي جريمة احتلال العراق وتدمير دولته وتفكيك نسيجه الاجتماعي وتحطيم مقومات وحدته الجغرافية والوطنية .
فأذا كانت هذه محنة او كارثة او مجزرة أو نكبة ، فهي بكل الاحوال والمقاييس عملية تدمير منظم ، ابتدأت منذ
لنتطلع الى عنوايين هذه النكبة العراقية
وفاة ومقتل 122 الف طفل عراقي دون سن الخامسة منذ احتلال العراق ، مقتل اكثر من ثلاثة الاف عراقي شهريا ، حسب الارقام الحكومية المسلمة الى الامم المتحدة ، اكثر من 850 الف نازح ومهجر داخل العراق ، اكثر من 3000 إمرأة ترمل شهريآ ، اما ارقام الهاربين من جحيم الرخاء الديمقراطي فتتراوح بين مليونين ونصف وثلاثة ملايين ، موزعين على عدد من البلدان المجاورة للعراق ، ولازال العراقيون يغادرون بلدهم بمعدل 40 الف لاجئ شهريآ الى سورية وحدها المنظمات الدولية الأنسانية تستصرخ لنجدتها بالتمويل ، لمواجهة الازمة الانسانية المتعاظمة ، وهذا ما عبرت عنه منظمة الصليب الاحمر الدولي ، بطلبها لملايين الدولارات لتغطية نفقات نشاطها في العراق ودول الجوار ، اما مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة فقد طلبت 54 مليون دولار لمعالجة الاحتياجات الهائلة للاجئين العراقيين ، ولم تحصل إلا على ثلث المبلغ اي 18 مليون دولار ، (تكرمت) الولايات المتحدة بدفعها ، مع دعوة مشروطة على لسان ايلين ساوبري مساعدة وزيرة الخارجية للشؤون الانسانية ، بأن يوزع 20 الف لاجئ عراقي خلال الستة اشهر القادمة على عدد من البلدان ، ومنهم سبعة الاف الى الولايات المتحدة
تتوقع مصادر الامم المتحدة ان يصل عدد اللاجئين العراقيين خلال هذه السنة الى خمسة ملايين لاجئ ، وهذا يعني ببساطة حرمان فئة الاطفال من حق التعليم والاستمرار في الدراسة في بلدان الجوار التي تتعرض لضغوط بشرية واجتماعية وسياسية وامنية بسبب الاعداد الهائلة للكتل البشرية التي تصلها
اما اطفال الداخل العراقي فأن نسبة كبيرة منهم حرموا بشكل كلي او جزئي من التعليم ، بسبب من الاوضاع المأساوية للعائلة العراقية ، اضافة الى ان تقرير مفوضية شؤون اللاجئين يؤكد على ماسي الفقر والحرمان التي تدفع الكثير من النساء الى ممارسة الدعارة في حين تتفاقم مشكلة تشغيل الاطفال والانحرافات التي يتعرضون لها
لقد أخذت عمليات النزوح والتهجير الداخلي مداها في غربلة المناطق على اسس طائفية ومذهبية وعرقية ، واصبحت بذلك ماساة اجتماعية جديدة تحاول جهات عديدة وبرعاية مباشرة من حكومة الاحتلال القائمة ، تجييرها لصالح اهدافها السياسية ، في تكريس حالة العزل والتفكيك ولاحقآ التقسيم ، وان هذه الجهات العراقية والمرتبطة بالاحتلال ودوائر الموساد الاسرائيلي تعمل جاهدة لأصطناع خطوط تماس بين المناطق في بغداد وخارجها ، وبها ومن خلالها يتم تطهير هذه المناطق من سكانها على اساس انتمائاتهم
وفي مواجهة الكارثة البشرية التي يتعرض لها شعب العراق ، تستمر حالة الاستغباء التي تمارسها المنظمات الدولية وتحت ضغط امريكي ، تشترك دولٌ كثيرة في مسايرته ، تحت عنوانين مؤتمرات دولية فاشلة ، ليس فقط لا تلامس الاسباب الحقيقية لهذه الكارثة ، في الاحتلال وافرازاته ، بل ان الجهات المسؤولة عن هذه الكوارث ، تدفع وتحت ضغط التداعيات المختلفة الى البحث عن عنوانين انسانية لأبشع نكبة وطنية
لا يحتاج العراقيون الى مؤتمر جنيف الذي انعقد قبل اسابيع ليناقش مسألة اللاجئين العراقيين ، والى دعوة دول الجوار لفتح حدودها وتسهيل عبور مئات الاف ، او اعطاء فيز اضافية ، ان ما يحتاجه كل المهجرين والنازحين هو موقف دولي تنهض به هذه المنظمات الدولية ، بالدعوة لأنهاء الاحتلال ورحيل القوات المحتلة وعقد مؤتمر دولي حول العراق تشارك قوى المقاومة العراقية والقوى السياسية المناهضة للاحتلال وعملية التحاصص الطائفي والعرقي ، لتترتسم من خلاله ملامح مستقبل الدولة العراقية ونظامها المقبل
ان قضية النازحين والمهجرين العراقيين في الداخل والى الخارج ، هي قضية سياسية بأمتياز، تدخل ضمن طبيعة الاهداف السياسية للاحتلال والمتعاونين معه من الاحزاب الطائفية والعرقية ، غايتها افراغ مناطق بعينها ، واقامة خطوط تماس وهمية ، وحمل الفئات المتعلمة من المهنيين والصناعيين والاكاديمين والعلماء والاطباء وغيرهم على الاغتراب والهجرة ، لأفقار العراق من عقوله وشرائحه الاجتماعية المتعلمة والمعارضة للاحتلال وتوابعه
لقد استهدفت الفرق الخاصة الموجهة ، والتي تعمل بوضح النهار وبناء على قوائم معدة ، فئات المتعلمين والاكاديمين والعلماء والمفكرين ، ونجحت في قتل اكثر من 430 استاذا جامعيا وعالما ومفكرا ، ودفعت اللاف للهجرة خارج العراق ، اضافة الى قتل العقول العسكري والفنية ونخب الطيارين العراقيين ومن رتبِ مختلفة
في تقريرها الا خير والصادر في 25 – 4 – 2007 ، اشارت بعثة الامم المتحدة المكلفة بمساعدة العراق (يونامي) ، الى الاهوال التي يتعرض لها الشعب العراقي ومن مختلف الفئات الاجتماعية ، حيث اجمل التقريرحالة حقوق الانسان والقتل والتهجير وانعدام القانون ، والتي تعكس طبيعة الحالة العراقية ، رغم ان التقرير أغفل وعن عمد مسببات الحالة
ثانيا- محنة العزل والاسوار والجدران
وعلى نفس المنوال وبالتناغم مع احزاب الاحتلال الطائفية ، وتطابقآ مع منطق تفكيك البلاد وعزل العباد ، وبعد ان فشلت خطة تفريغ بغداد من طائفة بعينها ، بدأ التنفيذ الفعلي لتقسيم بغداد الى مناطق وكانتونات طائفية عبر الاسوار الكونكريتية العالية والاسلاك الشائكة المستوردة من اسرائيل ، حيث وكما فعلت اسرائيل بتقطيع اوصال الضفة الغربية الى محميات بشرية اجبارية ، وسمحت بمرور اجباري عبر بوابات محددة وحواجز مانعة ، تدقق من خلالها في هويات خاصة مرقمة ومرمزة باشارات خاصة لسكان هذه المنطقة او تلك ، فان الخبرة الأسرائيلية تنقل بأبداع الى مدينة بغداد والمناطق الاخرى والتي ترافقت مع قطع الجسور وتفجير بعضها لتكريس العزل بالقوة العسكرية وتحت حجج حماية المناطق من الميليشات وغاراتها اليومية
لقد مر اكثر من اربعين يوما على عزل ومحاصرة سامراء ، ومثلها تعاقب مدن اخرى واحياء بكاملها ، ان معاناة السكان والتي تتناقض مع كل العهود والمواثيق الدولية ، والتي تقف امامها منظمة الامم المتحدة وبعثاتها العاملة في العراق ، صامتة متواطئة مع المحتل وخانعة لمنطق الهيمنة والتاثير ، ان هذه المعاناه تجسد حقيقة الكارثة ، عندما يحرم المواطن في وطنه من ابسط متطلبات الحياة الكريمة ، وان يحرم الاطفال من الذهاب للمدرسة وان يقطع الماء عن السكان وان تتحول ومضة المصباح الكهربائي الى امنية عزيزة وان يكون الخروج الى الشارع مغامرة كبيرة ، في ظل احتجاز اجباري ، غايته كسر الارادة وتعود الذل والخنوع والطاعة لأوباش القرن الواحد والعشرين وتوابعهم من العراقيين
ثالثاً - التلوث البيئي
لقد كان للأستخدام الواسع للاسلحة المحرمة دوليآ من قبل امريكا في العراق ، ومنذ العاك 1990 أثره الكبير في خلق بيئة ملوثة ، اثرت على الحياة البشرية والحيوانية والزراعية على حد سواء في مناطق واسعة من العراق
ان استخدام اليورانيوم المخضب في القذائف الحربية والذي استخدم بشكل مكثف في مناطق الجنوب العراقي خلال حرب الخليج الثانية واثناء الغزو ، ادى الى مشاكل بيئية في تلويث الهواء والمياه والارض ، وانعكس ذلك بكوارث صحية على السكان ، حيث سقوط اكثر من 940الف قذيفة يورانيوم مخضب ، والتي تعادل 350 طنآ من اليورانيوم المخضب أدى الى ظهور اعراض امراض وامراض لم يعرفها العراق سابقآ ، وخاصة الاورام السرطانية والولادات المشوهة بسبب تأثير الاشعاعات على البناء الكيمياوي للحامض النووي للانسان ، وفي الوقت الذي تشير الاحصائيات الرسمية العراقية الى اكثر من 140 الف حالة سرطان مسجلة ، فأن نسبة الامراض التنفسية وغيرها في تزايد مستمر ، وهذا ما اكدته بعض المصادر غير الرسمية ، من الحالات المرضية الغريبة التي ظهرت في مدن عراقية اخرى ، خاصة الفلوجة وبعض مدن المنطقة الغربية التي استخدمت القوات الامريكية فيها اسلحة محرمة دوليآ. وفي اخر احصائية للدوائر الصحية في محافظة البصرة وبعض مدن الجنوب فأن زيادة الاصابات اصبحت 20% عما في 2005 وان ثلاثة اطفال يولدون يوميا بدون اطرف او بتشويهات اخرى خلقية ، ومما يثير الخوف هو التخريب المتعمد للبيئة العراقية والاراضي الزراعية والثروة السمكية من قبل عصابات ومافيات مرتبطة مباشرة بالاحتلال وسلطته القائمة ، اضافة الى ضعف الخدمات الصحية والبيئية ومتطلبات التعامل مع الحاجات الضرورية اليومية للسكان ، في الوقت الذي كان فيه العراق من البلدان الرائدة في مجال النظام الصحي والبيئي ونوعية الخدمات المقدمة في مجال نظامه الصحي
رابعاً - الخراب الأقتصادي ونهب الثروات
كان للحرب الامريكية على العراق واحتلاله نتائج كارثية على البنىالتحتية الاساسية والتي تضررت بشكل كبير . وضمن توجهٍ مقصود تم قصف المؤسسات الانتاجية من مختلف القطاعات الصناعية ، فاستهدف القصف والتخريب اكثر من 17 الف مصنع كبير ومتوسط ، وتعرضت ورشات العمل المؤسساتية للتدمير والسرقة ، ودمرت المخازن والمستودعات الاستراتيجية ، واصيبت المؤسسات المهنية والتعليمية بأضرارِ بالغة ، تحتاج لسنوات لأعادت تأهيلها .
لقد ساعد (قانون النهب) الغير معلن ، وبرعاية المحتل وتحت سمعه وبصره في تفكيك المؤسسات الصناعية والانتاجية المتبقية وبيعها كخردة الى الشركات الاسرائيلية ، وبنفس الطريقة تعاملوا مع اسلحة الجيش العراقي الثقيلة والتي تقدر بالمليارات من الدولارات ، اضافة الى سيطرة بعض المليشيات على جزء منها ، اما ما تبقى من مؤسسات الدولة فجرت عليها (الخصصة السرية ) اي بيعها او تاجيرها بابخس الاثمان للطفيليين الجدد والمرتبطين باحزاب الاحتلال وحاشياتهم ، أما قطاع النفط ، فعمل المحتل ومنذ اليوم الاول لاحتلاله العراق ، على التصرف والسيطرة على انتاجه وزرع مستشاريه في الدوائرالنفطية والمؤسساتية المختلفة ، وفي الوقت الذي رفع العدادات من الحقول الانتاجية لتصبح عملية النهب غير معروفة فانه تمت السيطرة على موارده المالية عبر سيطرة الحاكم المدني على صندوق الموارد النفطية ، اضافة لغض الطرف على عمليات السرقة الكبرى لكميات كبيرة من النفط من قبل مافيات الاحزاب الطائفية والعرقية والتي تقدر باكثر من 100 الف برميل يوميآ ، وهذا يعني مع اسعار النفط الحالية سرقة اكثر من خمسة مليارات دولار سنويا ، وهذا غير التلاعب والسيطرة على المشتقات النفطية المستوردة واعادة بيعها للمواطن باسعار مضاعفة
وهذا عد ا نهب وسرقة ثرواتنا التاريخية والثقافية والكنوز الفكرية النادرة ، حيث اصبحت عملية السطو الدولي وباشراف المحتل على متحفنا الوطني العراقي والمكتبة الوطنية العراقية ودار المخطوطات الوطني من ابشع عمليات النهب التاريخي لذاكرة شعب العراق وحضارته
لذلك فأن مشاهد النهب والسلب عند دخول قوات الغزو الامريكي لبغداد ، لم تكن عفوية من قبل عصابات النهب ، ولم تكن طبيعية ، او حدثا عرضيا ، بل كانت مؤشرآ على فلسفة الفوضى المطلوبة ، التي جعلت العراق مختبرا لتجاربها الاولى التي تحاول تعميمها على بقية دول المنطقة
ان صور النهب والسلب والاختلاس هذه ، هي الصور المصغرة لمسلك ومنهج المحتل الامريكي في بناء العراق الجديد
خامساُ - المعتقلين والمفقودين
بعد ان اصبح العراق سجنآ كبيرآ لأبنائه ، اصبح بناء السجون الجديدة ومعسكرات الاحتجاز من العلامات الفارقة لديمقراطية الاحتلال واتباعه ، ولم يتوقف الامر عند هذا الحد بل اصبح لكل حزب وجماعة سجنها ولبعض الوزارات معتقلاتها ، ولبعض مقرات الاحزاب غرف تعذيبها الخاصة وطرقها الخاصة في التخلص من نزلائها بعد ذلك .
لقد تم اعتقال اكثر من 150 الف مواطن عراقي منذ الاحتلال الامريكي للعراق ، خاصة من المناطق التي تشهد تصاعدآ في عمليات المقاومة ، وشملت هذه الاعتقالات حتى الاطفال والنساء ، لأجبار الاباء والازواج بتسليم انفسهم
ان معضلة المعتقلين التي تتفاقم بزيادة عددهم مع تطبيق الخطط الامنية والعسكرية للمحتل وحكومته ، حيث تفرغ البيوت من رجالها بسوقهم الى معسكرت الاعتقال او سجون الداخلية ليصبحوا فيما بعد جثث مرمية في شوارع العاصمة ومزابلها
رغم ان المحتل اعترف بوجود اكثر من 18 الف معتقل في سجونه ، فان وزارة الداخلية لم تذكر لحد الان ارقاما حول اعداد المعتقلين لديها ، علما ان منظمات غير رسمية ، اضافة الى تقارير منظمة حقوق الانسان ومنظمة بعثة الامم المتحدة تؤكد بوجود عشرات الاف من المعتقلين في سجون المحتل ومعسكراته ومعتقلات الداخلية سيئة الصيت
ان الارقام الاخيرة تشير الى ان 9 الاف مفقود عراقي ، لم تتوفر المعلومات الضرورية عنهم لذويهم ، ويعتقد ان اغلبهم اصبح في عداد القتلى التي تظهر جثثهم في العراق يوميا وبالعشرات ، والتي يتناسب ظهورها طرديا مع الخطط الامنية ومع ازدياد العمليات العسكرية ضد الاحتلال واتباعه ، وان مقابر النجف وكربلاء يدفن فيها المئات شهريا من مجهولي الهوية
لقد أضفى الاحتلال ونتائجه ، مشهدآ مأساويآ على الحالة الاجتماعية العراقية وبكل مفرداتها ، حيث ازدياد اعداد الثكالى والايتام ، والهجرة والتشرد ، وتفشي البطالة لتصل اكثر من 60% ، وازدياد العنف الاجتماعي ، وفي ظل اوضاع مزرية ومأساوية ، اقتصادية واجتماعية ، عششت ونمت ظاهرة الاجرام ، واصبحت وسيلة للعيش والبقاء والترزق لمجاميع وعصابات ، وجدت بيئتها المناسبة وامتداتها في اجهزة المليشات والشرطة والجيش (الوطني) ، فأرتفعت معدلات الجريمة كالسطو والسرقة والخطف والقتل والاغتصاب
واصبحت ظاهرة ملازمة لحالة الفوضى التي يعيشها المجتمع ، واخذت اشكالها المنظمة المرتبطة بغايات واهداف قوى محلية ، تسعى من خلال توجيه نشاط هذه المافيات والعصابات اليومي ، الكسب المزدوج بتحقيق اجندات طائفية وعرقية وماديآ بالسرقة والنهب والاثراء من اجبار اهالي المخطوفين بدفع فدية ابنائهم وبناتهم
لقد جندت بعض جماعات الاحتلال والمرتبطة به وبدوائره السرية ، وبالتعاون مع اجهزة الموساد الاسرائيلي العاملة تحت العلم الامريكي او تحت يافطات الشركات الامنية الخاصة (البريطانية والامريكية ومن جنوب افريقيا) ، جندت اعداد ليست بالقليلة من ارباب السوابق ، ومن عديمي الضمير والوازع الاخلاقي ، والساقطين اجتماعيآ ، وادخلتهم دورات تدريبية في داخل العراق وخارجه ، وحسب الاختصاصات والمهمات المناطة بهم ، ليقوموا بأقذر المهمات في القتل والتفجير عن بعد وفي الاغارة الليلية ، وليتناسب غالبآ نشاطهم مع ازدياد عمليات المقاوم ضد المحتل والته العسكرية وخدمه من العراقيين ، حتى يختلط الحابل بالنابل ، وتغطي دماء العراقيين المراقة في الشوارع على اخبار الخسائر الامريكية المتصاعدة وعلى مأزقه المتفاقم في العراق
مع العمل الارهابي المنظم لهذه المجاميع ، يتناسق ويتوافق نشاط المليشيات المسلحة في ارهاب شطر واسع من الفئات الشعبية وتحت عناوين مختلفة ، غايتها الاساسية خلق حالة من الخوف المستديم والخنوع لسلطة العمائم الامريكية الجديدة ولتوجهاتها السياسية وطموحاتها الانفصالية ، ولضرب وخنق بوادر التنظيم الشعبي الاحتجاجي والرافض لسلطتها وسلطة ولي نعمتها المحتل الامريكي ، لقد اصبحت هذه المليشيات والتي ترتدي زي الشرطة او الجيش وقت الحاجة ، اداة قتل وقمع وارهاب بيد اصحابها من سكنة المنطقة الخضراء في تنفيذ ماربهم السلطوية ، ومخططات اسيادهم في الفوضى الاجتماعية والتفكك
أن هذه بعض معالم النكبة التي يعيشها الواقع العراقي ، والتي اصبحت موثقة في العديد من عناوينه وجوانبه الانسانية والاجتماعية
لقد اصبح العراق ووفقآ للتقارير الدولية الدولة الاكثر فسادا في العالم ، حيث تشير منظمة الشفافية العالمية الى ان العراق يحتل المرتبة الثالثة بين ستين دولة فاشلة عالميآ ، وان اكثر من 6 ملايين عراقي يعيشون تحت خط الفقر ، اي ان دخلهم اليومي لايتجاوز الدولار الواحد
أمام هذه النكبة الشاملة تتسائل الكثير من المنظمات الدولية ، وشعوب العالم والشعب العراقي ، حول الصمت المطبق والمشبوه للأمم المتحدة على ما يجري في العراق
لقد اقترن هذا التسائل بالتقرير الصادر عن منتدى السياسة العالمي والذي شاركت فيه اكثر من 29 منظمة غير حكومية والذي نشر مؤخرآ ، حيث ترجمه الاستاذ عبدالوهاب حميد رشيد
لقد اشار هذا التقريرالى اوجه التدمير والنهب والقتل والتهجيرالذي يتعرض له العراق ، واكد على المسؤولية المباشرة للولايات المتحدة لما يحدث في العراق ، كون مجلس الامن فوضها السلطة ، ورغم رفضه تفويض سلطة شن الحرب
لقد طالب هذا التقرير مجلس الامن بتحمل مسؤولياته وبحث البدائل المستقبلية وبضمنها انسحابآ سريعا من العراق
إذا كانت امريكا وحليفتها بريطانيا قد نجحتا بالتصرف بالشأن العراقي عسكريا وسياسيا ، واستطاعوا اضعاف حتى سلطة المجلس الاستشاري والرقابة الذي فوضته الامم المتحدة ، والذي عجز عن فعل شئ طيلة سنوات الاحتلال ، فأن الجرائم العسكرية والانسانية وتدمير الدولة العراقية وكل ما اقترف بحق العراق والعراقيين موثق ومحفور في عقول ابناء العراق وقواهم المناهضة والمقاومة للاحتلال ، والتي يجب ان ترتقي الى مستوى النكبة العراقية وتنظم جهودها الوطنية في تحالف جبهوي واسع يقصر المسافة ويختصر زمن المأساة القائمة