العراق: منظمات غير حكومية تغلق أبوابها في الموصل
قالت مصادر تابعة لمجتمع العمل الإنساني بأن خمس منظمات غير حكومية على الأقل أغلقت مكاتبها مؤخراً في الموصل الواقعة على بعد 390 كلم شمال العاصمة العراقية بغداد، نتيجة لتزايد أعمال العنف ضد عمّال الإغاثة والمتطوعين في المدينة.
وتعمل اثنتان من المنظمات الخمس في توفير المساعدات الإنسانية للعائلات النازحة وواحدة في مجال حقوق المرأة بينما تنخرط الأخيرتين في أنشطة رعاية الطفولة، وإحداها تدعم الأطفال المصابين بمرض السرطان أو المشاكل النفسية.
وقالت سلوى عبد العزيز، العضوة في منظمة أصوات الحرية العراقية التي تتخذ من الموصل مقراً لها: "اضطررنا للتوقف عن العمل في الموصل بعد مقتل ثلاثة عمّال إغاثة تابعين لمنظمات غير حكومية على يد متطرفين".
وأضافت عبد العزيز أن المنظمات غير الحكومية المحلية الخمس - وهي منظمة الموصل لحقوق الإنسان ومنظمة دعم الأطفال المصابين بالسرطان ومنظمة رويدا للإغاثة واثنتين أخريين رفضتا الإعلان عن اسمهما لأسباب أمنية – قد استلمت رسائل تهديد لوقف نشاطاتها في مدينة الموصل.
ووفقاً للمؤسسة المحلية المسؤولة عن تسجيل المنظمات غير الحكومية المحلية في الموصل وتلعفر والمدن المحيطة، انخفضت وتيرة المساعدات الإنسانية في المنطقة لأن عمّال الإغاثة غير راغبين في تقديم خدماتهم تحت ظروف التهديد هذه.
تهديدات
من جهته، قال حنيف مزهر، المتحدث باسم مؤسسة المنظمات غير الحكومية في شمال العراق: "لقد كنا محظوظين خلال السنوات الأربع الماضية بالحصول على العديد من المتطوعين الذين عرضوا خدماتهم لمساعدة العائلات النازحة أو تلك التي تعيش في فقر مدقع. كان عدد كبير من المنظمات غير الحكومية متفائل حيال توزيع المساعدات ولكن كل شيء قد تغيير خلال الأشهر الستة الماضية".
وأضاف مزهر بأن أنباءً تصله أسبوعياً تفيد بتلقي المنظمات غير الحكومية نوعاً أو آخر من التهديدات وبأن ضغوطاً تمارس عليها لوقف أنشطتها. ولكن لم توقف جميع المنظمات التي تلقت تهديدات نشاطاتها.
''اضطررنا للتوقف عن العمل في الموصل بعد مقتل ثلاثة عمّال إغاثة تابعين لمنظمات غير حكومية على يد متطرفين''
وتهتم معظم المنظمات غير الحكومية بالعائلات النازحة وتساعدها على إيجاد مأوى وتقدم لها الطعام والغاز المخصص للطبخ. كما تمنح أطفالها دعماً نفسياً ورعاية لمرحلة ما قبل الولادة. ولكن مزهر أفاد بأن عدداً من العائلات في المناطق الفقيرة بما فيها منطقة تلعفر التي تبعد 70 كلم شمال الموصل، لم تحصل على المساعدة لأكثر من ثلاثة أسابيع وهي تواجه خطر الأمراض نظراً لانعدام ماء الشرب.
وقال مزهر أن قوات الأمن لم تقدم الدعم والحماية للمنظمات غير الحكومية المحلية وأن المتمردين والمسلحين لا يحترمون حيادية منظمات الإغاثة.
عدم القدرة على توصيل المساعدات
فبعد الاعتداءات الأخيرة على الأقلية الأيزدية بالقرب من الموصل وقرار المجموعات العرقية المحلية محاربة مقاتلي القاعدة، أفاد عمّال الإغاثة بأنهم لم يتمكنوا من توصيل المساعدات الإنسانية للقرى المحيطة بالموصل لأن رجال القبائل منعوهم من التحرك في تلك المناطق ليتمكنوا من مقاتلة المتمردين المختبئين في تلك القرى.
ووفقاً للشرطة المحلية، ازدادت وتيرة العنف في الموصل مع بقائها أقل شدة من جنوب ووسط العراق. كما أفادت السلطات المحلية بأن معدل 40 مدنياً أو شرطياً (بنسبة تقريبية 60:40) يلقون حتفهم أسبوعياً منذ يونيو/حزيران 2007 في أعمال عنف، معظمها بين المتمردين السنة والشرطة أو المتمردين السنة ونظرائهم من الشيعة. كما أشارت الشرطة إلى تعرض الأكراد والأقليات الأخرى كالأيزديين والمسحيين لاعتداءات على يد المتمردين.
وعن دوامة العنف المستمرة هذه قال العقيد يحيى عبد الغفور، نائب مدير مركز شرطة الكرامة بأن "العنف الطائفي موجود في كل مكان" في العراق وأن "عمّال الإغاثة تعرضوا لاعتداءات على يد كل مجموعة مقاتلة". وأضاف عبد الغفور أن "الشرطة المحلية تأمل أن تتمكن من توفير الحماية ولكن في العديد من الحالات تكون المناطق التي يزورها عمّال الإغاثة أكثر خطراً على الشرطة منها عليهم".
استغلال؟
وعلى الرغم من كون المجموعات المسلحة هي المسؤولة بشكل واسع عن هذه المشكلة إلا أن الشرطة كانت تقوم باعتقال المتطوعين كذلك عند توفيرهم الإمدادات للمناطق التي قد يختبئ بها المتمردون.
الصورة: إيرين
خريطة للعراق تظهر محافظتي الموصل ونينوى
كما تحدث عمر عبد الكريم، المتطوع لدى منظمة أصوات الحرية العراقية التي تلقت أربعة تهديدات منذ شهر مارس/آذار 2007، عن استفادة الشرطة من عمل المتطوعين حيث قال: "ما أن نرجع من منطقة النزوح حتى نستدعى لمرافقة ضابط شرطة إلى مركز [شرطة] قريب لتقديم تقرير كامل عما رأيناه وفعلناه في تلك المنطقة. إنهم يستخدموننا للحصول على معلومات حول المتمردين مما يزيد من عدائية المقاتلين تجاهنا".
وأضاف قائلاً: "نريد أن نساعد العراقيين ولكن علينا أن نهتم لأنفسنا كذلك، فلدينا عائلات ولا يمكننا المخاطرة والتعرض للقتل على أيدي أشخاص لا يفهمون حيادية عمّال الإغاثة في شتى أنحاء العالم".
من جهتها قالت الشرطة المحلية بأن الاستجواب قد يتم مع أي مجموعة وفي بعض الأحيان ساعدت المعلومات التي أدلى بها عمّال الإغاثة في جلب الأمن لبعض مناطق المحافظة.
وعقّب عبد الغفور قائلاً: "إنهم مدعوون لمساعدتنا. لا يتم القبض على أي عامل إغاثة أو حبسه إذا لم يرد التعاون. إنها فقط طريقة للمساعدة وهي لحمايتهم الخاصة كذلك".