ماذا بعد الشيعة والسنة... في العراق؟
http://www.alittihad.ae/
الأستاذ محمد عارف
كيف حدث ذلك في بلد لم يشهد خلال ألف عام الماضية سوى ثلاثة نزاعات طائفية قصيرة أحدثتها عمليات غزو وتسلل أجنبي في أعوام 1508، و1623 و1801؟ وهل يمكن إيجاد مخرج من هذا المأزق يحظى بموافقة جميع العراقيين، بغض النظر عن خلفياتهم الإثنية والمذهبية؟ أسئلة أخرى يطرحها تقرير صادر بالإنجليزية عن "المعهد النرويجي للشؤون الدولية". العنوان الرئيسي للتقرير "أكثر من الشيعة والسنة" More than Shiites and Sunnis وعنوانه الثانوي: "كيف يمكن للاستراتيجية ما بعد الطائفية تغيير المنطق وتيسير الإصلاحات السياسية المستديمة؟".
الاختلاف بين العراقي الوطني والعراقي الطائفي، هو أن الأول مستعد للموت من أجل العراق، والثاني مستعد لأن يميت العراق من أجل طائفته!
ويستقصي التقرير المعني أساساً بإيجاد خطة عمل للعراق والمجتمع الدولي نطاقاً واسعاً من المسائل، ويدعو إلى "قلب منطق التعامل مع أوضاع العراق رأساً على عقب. بدلا من أن تحث واشنطن المجتمع الدولي على تقديم صك مفتوح للحكومة العراقية ينبغي مطالبتها باتخاذ خطوات تفضي إلى المصالحة الوطنية لقاء الدعم المالي، وأنواع الدعم الأخرى التي تُقدمُ لها".
ويحدد التقرير الانتخابات البرلمانية نهاية العام الحالي باعتبارها المفتاح الرئيسي لتحقيق خطة العمل التي تغطي مواضيع مثل عودة اللاجئين، والإعفاء من الديون، والمعونة الاقتصادية، والعمل مع أوروبا و"الجامعة العربية"، والدعم الانتخابي، وقضايا كردستان، والتفاهم مع المقاومة المسلحة، وسياسة الولايات المتحدة تجاه إيران، ودور الأمم المتحدة، وبعثة الأمم المتحدة للعراق (يونامي).
وتكمن أهمية التقرير في صياغة 18 توصية تهدف إلى توفير فرص مؤثرة للمجتمع الدولي لدعم جهود العراقيين في وضع أجندات لما بعد النظام الطائفي. بينها توصية للبلدان العربية التي تجنبت المواجهة مع إيران داخل العراق بأن تحاول دعم الأجندة العراقية بخصوص تعديل الدستور. يمكن ذلك عن طريق ربط موضوع إلغاء الديون وإعادة العلاقات الكاملة مع العراق بعملية مراجعة الدستور بالاتجاه الذي يرتئيه البرلمان. وقد تكون هذه الوعود كافية لاجتذاب العراقيين الذين قاطعوا الانتخابات السابقة، ومعهم أيضاً ربما قطاعات مهمة من المقاومة المسلحة.
ويحذر التقرير المجتمع الدولي من "مخاطر عدم استقرار الوضع الراهن في العراق، والذي قد يؤدي إلى اندلاع صراع يستمر سنوات عدة بين إيران، تؤيدها الحكومة العراقية، وبين مختلف أنواع الجماعات المسلحة، وعلى رأسها تلك التي تشجعها القاعدة". ومن شأن هذا التطور، حسب تقديرات واضعي التقرير، أن "ينقل مركز الثقل الجيوبوليتيكي إلى طهران، وما يستتبع ذلك من عدم استقرار المنطقة وتعطيل إمدادات الطاقة العالمية".
في مواجهة هذا الخطر يركز التقرير على أمرين أساسيين، أولهما إيجاد طرق تساعد الولايات المتحدة والمجتمع الدولي على استعادة مواقع مؤثرة في الأزمة العراقية، وثانياً تشخيص الإجراءات الإصلاحية التي تساعد على تحقيق المصالحة، وذلك بالتركيز على الناس العراقيين، بدلا من السياسيين الانتهازيين، ما يجعل البلد أكثر استقراراً على المدى الطويل وأقل تأثراً بالنفوذ الإيراني.
ومفتاح الاستقرار في العراق هو الإقرار بثبات واستمرارية الوطنية العراقية غير الطائفية كقيمة أساسية لدى معظم العراقيين، ورغم الصورة الشائعة في الإعلام الغربي، فإن الدراسات التاريخية تبين بوضوح أن المشاعر الوطنية العراقية أقوى بكثير من الطائفية.
وينفي التقرير التصور الخاطئ عن الصراعات الطائفية والإثنية الدائمة في العراق، مؤكداً على أن العراق الآمن غير الطائفي، يملك جذوراً تاريخية قوية خلال العهد الملكي والعثماني أيضاً. ويذكر بأن العراقيين يؤيدون التعايش لكنهم لا يرغبون بزرع محاصصة إثنية دينية في نظامهم السياسي. ويؤكد على أن التوصيات حول "مصالح السنة" و"مصالح الشيعة" لا ترضي سوى مجموعة صغيرة من السياسيين الانتهازيين.
ويعتمد التقرير على مساهمات أكاديميين وخبراء عراقيين، بينهم ضياء البكاء، المدير العام السابق لهيئة تسويق النفط العراقية، وعدد من أساتذة الجامعات، بينهم حسن البزاز، وحسن العاني، وهمام الشمّه، ووزراء سابقون، بينهم عصام الجلبي (وزير النفط)، ومحمد الجبوري (وزير التجارة)، وعسكريون، بينهم رعد الحمداني (قائد الحرس الجمهوري سابقاً)، وأعضاء في البرلمان الحالي، بينهم نديم الجابري، وحنين القدو.
يؤكد التقرير على ضرورة اعتراف الولايات المتحدة بأنها اتبعت للفترة ما بين 2003 و2008 استراتيجيات مخالفة لرغبات العراقيين في العيش في بلد موحد، وقد ساهم تركيزها الخاطئ على المحاصصة الطائفية الإثنية في خلق أضخم المشاكل للعراق منذ ذلك الحين. ولا يعتبر تأكيد الرئيس أوباما على الوحدة الوطنية للعراقيين كافياً، وعليه طمأنة العراقيين الذين نأوا بأنفسهم عن العملية السياسية إلى أن واشنطن لن تعرقل قيام عراق غير طائفي.
وكما يقول المثل: "أن تفعل ذلك أخيراً أفضل من أن لا تفعله أبدا"، فطرح موضوع الطائفية جاء متأخراً جداً عمّا فعلته بالعراق. وقد قصّرت معاهد ومراكز البحوث الغربية المعنية عن التحقيق في مسؤولية واشنطن في الترويج للدعاوى الطائفية، واستخدامها كسلاح إعلامي وتعبوي ميداني قبل الغزو وبعده. ولم تحقق في المسؤولية القانونية للإدارة الأميركية السابقة ودول التحالف عما جرى، وفق القوانين والاتفاقات الدولية الخاصة بالاحتلال. ولم تلقِ التقارير الضوء على الطائفية، باعتبارها من أشكال التمييز العقائدي، وأغفلت النتائج الخطيرة للتنظيمات والأفكار والممارسات الطائفية التي أوقعت أضراراً فادحة بملايين السكان، وتقع تحت طائلة قوانين الجرائم ضد الإنسانية، مثل عمليات التطهير الطائفي، وترحيل السكان، وعزلهم في أحياء مغلقة، وممارسة التمييز المذهبي في تولي مناصب معينة في الدولة، كما نصت على ذلك فقرات في دستور عام 2005.
ومأزق الوضع الطائفي جغرافي تاريخي، فليس هناك سوى العراق بعد أو قبل الشيعة والسُنة. تغفل عن ذلك الدراسات الأكاديمية الغربية التي تفترش موضوعها أفقياً. وقد بيّنت ست سنوات من الاحتلال أن العراق كالفوالق الزلزالية يتحرك رأسياً على عمق آلاف الأعوام. وينشط أهم محرك للفكر السياسي في العراق خارج نطاق التأثير الخارجي بأي شكل كان. إنه الحركة الداخلية لتفكير العراقيين من جميع المذاهب والأديان، والتي قد تخبئ مفاجآت زلزالية. قانون هذه الحركة، كما يحدده الشاعر محمد مهدي الجواهري:
"إنما الفكر عارماً بطلُ، أبد الدهر يقتتلُ".
والاختلاف في الاقتتال بين العراقي الوطني والعراقي الطائفي، هو أن الأول مستعد للموت من أجل العراق، والثاني مستعد لأن يميت العراق من أجل طائفته. وفي أوقات كهذه يلوذ القلب الوطني بشعر الجواهري، الذي ولد وترعرع في واحدة من أعرق الأسر الدينية في النجف:
The Norwegian Institute of International Affairs
The report sets out by questioning the success of the US “surge” in Iraq when it comes to providing long-term stability. It highlights the absence of real political reform as well as the persistence of Iranian influence over the new Iraqi political system as factors that may lead to major regional instability – either if US forces withdraw without facilitating a process of genuine national reconciliation, or if an attempt is made to overstay the withdrawal framework of the SOFA. Today, unless the international community alters its approach, a protracted conflict between an Iran-supported Iraqi government and various insurgency groups (including some with inspiration from al-Qaeda) seems like the most probable five-year scenario for Iraq. As a consequence, the geopolitical point of gravity in the region can be expected to shift towards Tehran, with an accompanying escalation of regional tensions as well as likely disruptions to world energy supply.
The report does two things to deal with this problem: It identifies ways in which the United States and the international community can regain leverage in the Iraq crisis, and it highlights reform measures that can help bring reconciliation in Iraq by focusing on the general population rather than on political opportunists – thereby also making the country more stable in the long term and less susceptible to Iranian influences. By aligning itself with the strong but often underestimated national aspirations of the Iraqi people (instead of the sectarian interests pursued by some Iraqi politicians), the United States would be able to responsibly withdraw its military forces within sixteen months while at the same time supporting a post-sectarian program of political reform. This approach would be less vulnerable to potential criticisms of interference in internal Iraqi affairs, and would also enjoy the legitimacy of a true international coalition effort. The project singles out the 2009 parliamentary elections as a key milestone in the suggested process. It outlines several specific preparatory steps through which the international community could optimize the climate of those elections so as better to reflect the Iraqi popular will and thereby produce a more stable political system. Policy proposals cover such areas as refugee repatriation, debt relief, economic aid, engagement with Europe and the Arab League, electoral assistance, Kurdistan issues, reaching out to the armed resistance, US policy towards Iran, and the role of the UN and UNAMI.