مدخل أمين لوحدة قوى التحرير الوطني
مراجعة وتصحيح الأخطاء:
مدخل أمين لوحدة قوى التحرير الوطني
باقر إبراهيم
تظل ذكرى ثورة 14 تموز / 1958 المجيدة، محببة لنفوس الاكثرية الغالبة من العراقيين، وهي تذكرنا دوماً، بأنهم حين يفلحون في توحيد آمالهم وطاقاتهم، يستطيعون صنع المعجزات. بينما أعطتنا الحقب التي أعقبت الثورة مباشرة دروساً هامة، على مرارتها تفيد بان طلائع الشعب السياسية وقادته ورواده حين يفشلون في الامساك بما يجمعهم من أهداف، وحين ينزلقون الى هوة صراع دام بسبب خلافاتهم على برنامج أو اساليب التغيير، فان نصيب العراق والعراقيين هو أكداس من المآسي، ومنها فتح أبواب بلادهم لتدخل الغاصبين والطامعين.
لم تعد في العراق، سوى قلة ضئيلة، لاترى او لاتريد ان ترى، الحال المأساوية التي انتهت اليها بلادنا بعد الغزو والاحتلال الامريكي الهمجي لها، بدعوى تحريرها من الدكتاتورية ونقلها الى الديمقراطية.
فلذلك، يتجسد أمام جميع المخلصين، الدرس الهام نفسه، الذي أتينا عليه بعد المأساة الاكثر قسوةً ، والأشد خطورةً ، على العراق والعراقيين، وعلى الامتين العربية والاسلامية ، الناجمة عن الاحتلال الامريكي للعراق، في التاسع من نيسان / 2003
من واجب كل المخلصين، ان يحرصوا على مواصلة الدعوات والمساعي الجادة لتوحيد قوى النضال من أجل تحرير الوطن من براثن الاحتلال الاجنبي، ووضعه على سكة التطور الديمقراطي.
ولكن مع استمرار هذه الدعوات المخلصة، فلا يمكن غض الطرف، عن حقيقة ان بعض قوى النضال الوطني، كانت قد انزلقت في أخطاء جسيمة توزعت بين الطغيان وأضطهاد الشعب، وزج العراق في حروب عبثية حينما كانت في السلطة، او تلك التي كانت معارضة للاستبداد، لكنها وضعت نفسها في تعارض تام مع الثوابت الوطنية، حينما أنزلقت للتواطؤ والتعامل مع الغزو الخارجي، وإنساقت وراء تبريراته الكاذبة.
ومثلما يرفض الوطنيون العراقيون، تبريرات الداعين لـ" مصالحة وطنية "، تهدف للمضي بـ" العملية السياسية" التي خطط لها المحتل، ولأكمال حلقاتها، فأنهم يرفضون بذات الوقت، مواقف تلك القوى والاطراف التي توجه نداءات غزل واضحة، تعرض على المحتل الامريكي، العودة لتحالف جديد معه، ضد ما تسميه " احتلالا ايرانياً "، يسبق في الاولوية، التصدي للاحتلال الامريكي.
انهم بذلك يصرون على تكرار أخطاء الامس، رافضين بذات الاصرار الاتعاظ بها، كما دعا له كثرة من الوطنيين.
ورغم الفوارق التي تميـّز بين ذينك الفريقين، فلا جدوى من دعوة احزابها واطرافها، الى المصالحة الوطنية، والى وحدة النضال الوطني، اذا لم تقترن قبل كل شيء ، بتوقفها عن تمجيد ذلك الماضي، أو تبريره، واذا لم تقترن بأعلانها الصريح والعلني، أمام الشعب كله عن أدانتها لاخطاء الماضي، وعن تعهدها بمعالجتها مستقبلاً.
جميع تلك الاحزاب والقوى والشخصيات، على ضلال، ان هي توهمت ان الشعب العراقي، سيظل مرتهناً لماضيها ومنجزاتها وبرامجها السابقة، ويتجاهل اخطاءها الجدية بالامس واليوم.
وقد اكدت الحقبة الماضية، التي تربو على الست سنوات من الاحتلال الامريكي – الصهيوني الغاشم، والخراب المادي والمعنوي الذي الحقه بالعراق، ان القوى الوطنية التي عارضت الاستبداد، والتي رفضت في ذات الوقت، اكاذيب" المحرر" الامريكي، ومنها قوى اليسار الشيوعي الوطني، اكدت انها صارت، وستظل ركنا هاما في النضال لتحرير العراق ووضعه على طريق الديمقراطية والتقدم.
أما الخشية من مغبة تجدد، أو أستمرار الصراع العبثي بين مناضلي الصف الوطني ، الراغبين لتحرير بلادهم وتطويرها، وهي خشية جدية، ولكن يقابها الأمل الكبير، والثقة الراسخة في ان تتحقق مستقبلاً الوحدة الضرورية لقوى التحرير والتغيير، بعد ان يدرك الواعون من مناضلي الصف الوطني، بتنوعه الواسع وتعدديته، بان لا خير للعراق وللعراقيين، ولا أمل بنصر يبشر به حزب واحد أو قوه منفردة، أو جبهة وطنية تدعي تمثيل الجميع، دون أرادة ومشاركة الجميع.