هذا رد للدكتور المهندس خالد المعيني على مقالة عنصرية وطائفية لكاتبها جلال الوزير الذي اراد بها استكمال مابدئه الاحتلال وعملائه في ضرب وحدة النسيج العراقي المتماسك والموحد منذ مئات السنين وهذا دليل على ان الشعب العراقي يحتذي بقول الرسول (ص ) اذ قال ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) ...
وهذا هو الدكتور خالد المعيني يدافع عن اهله في جنوب العراق وليضرب مثلا ويعطي درسا بليغا للاحزاب العميلة لايران التي تدعي ظلما وبهتانا انها جائت لتنقذ الشيعة من الاهمال والمظلومية التي اصابتهم ,ودرسا اخرا للاقلام المأجورة التي ارتضت ان تبيع نفسها وقبلها وطنها لمن يدفع اكثر , فتبا للايادي الخبيثة التي تريد زرع الفتنة بين مكونات الشعب الواحد وتعمل على تمزيقه وشكرا لكل عراقي غيور لايقبل المهانة والاستهانة بأهله مهما اختلف معهم بالرأي او العقيدة
محاولات سابقة مخجلة
- كي لا نزايد على شعبنا في الجنوب حقائق بالأرقام بعيدا عن الخرافات
- كيف نؤسس لثقافة تسامح وطنية مقابل الثقافات الفرعية
يتخذ تمزيق أشلاء العراق كفريسة أكثر من شكل ، ولا أنكر إن هذا المقال * ( يرجى قراءة ملاحظتنا عن هوية كاتب المقال ) ، قد إستفزني رغم عدم شغفي بالرد وإيماني العميق بحرية إبداء الرأي مهما اختلفنا فيه بشرط أن يكون القصد من وراء هذا الاختلاف الاجتهاد للارتقاء بحالة أو موضوع ما نحو الأفضل وأن يكون في نتيجته بناءا وليس مدخلا ومقدمة للتفتيت والتهديم، فتوقيت هذا المقال في هذه المرحلة والذي لم يترك فيه الكاتب من سيئة وشتيمة ومثلبة لم يلصقها بأهلنا في جنوب العراق وبطريقة تنم عن حقد دفين ليأتي ذلك متناغما في سياق دق أسفين الفتنة والحقد بين أبناء الشعب الواحد وكأنه إستكمالا لحلقات مترابطة من مسلسل تقسيم وتفتيت العراق أرضا وشعبا ، بل إن هذا النمط من الكتابات هي أكثر خطورة من الصواريخ واليورانيوم المنضب التي ضرب بها شعبنا لان سموم هذه المقالات يسري في العقل الباطن وتجد طريقها أحيانا إلى ذاكرة العقل الجمعي للمواطن لاسيما في ظل جو الاحتقان والتهميش والإقصاء والمحاصصة التي عيشها مجتمعنا مع قلة الوعي وتفشي الأمية الفكرية قبل الأبجدية . جاءت هذه المقالة لتشكك بعروبة شعبنا في الجنوب ونقائه وطيبته ووطنيته بل ووصل الأمر إلى حد التشكيك بفنه وثقافته الأصيلة التي تمتد آلاف السنين .
إن من شأن مثل هذه السموم أن تزيد شدة الاحتقان والتعصب وتثير ردود أفعال وتمزق النسيج الاجتماعي العراقي فعندئذ لن تكون مثل هذه المقالات والأفكار إلا حلقة مكملة وامتداد مدروس ومبرمج يجري تنفيذه على قدم وساق من خلال مخططات التقسيم السياسية كما في الدستور النافذ بعد الاحتلال ، وسرطان الطائفية والمذهبية الذي بات المواطن العراقي يأنف من سماعه على لسان بعض المرضى من السياسيين ورجال الدين والتي يجري تكريسها حتى في بعض المناهج الدراسية الابتدائية وفي استمارات التطوع للخدمة العسكرية ، وكذلك الشحن الإعلامي الذي تتفرغ له في العراق عشرات الفضائيات الممولة من الخارج أو من مال الشعب المسروق هذه الفضائيات التي تبث على مدار الساعة سمومها في عقول أهلنا وعلى الأخص النشء والجيل لزرع الأحقاد والاحتقان وزرع الشكوك بين صفوف الشعب الواحد .
محاولات سابقة مخجلة
في نيسان من عام 1991 وبعد انتهاء الحرب بين الجيش العراقي وبين قوات التحالف التي قادتها الولايات المتحدة الأمريكية ومن تجيش واستقوى على شعب العراق وجيشه المحاصر من إخواننا قبل أعدائنا ، وبدلا من البحث عن الأسباب الحقيقية للهزيمة ، أصيبت الدولة والقيادة العراقية "بالشيزوفرينيا" وأصرت على إننا قد إنتصرنا في " أم المعارك" رغم مرارة الهزيمة ، وبدلا من مواجهة الأخطاء كالعادة يتم البحث عن "شماعات" لتعليق هزائمنا وأخطائنا عليها ، فثمان سنين من حرب طاحنة تجاوزت مدتها مدة الحرب العالمية وبدلا من إتخاذ قرار إستراتيجي بأن تجري إعادة تنظيم ومداواة جروح الشعب والقوات المسلحة وعدم دخول أية حرب أخرى ولعقود طويلة ، تم أخذ البلاد بمغامرة غير محسوبة وفخ استدرج له العراق نتيجة آليات دراسة وصنع وإتخاذ القرار المتخلفة عن قوانين العصر ، وهكذا وبدلا من أن نكون صريحين مع أنفسنا تم رمي هزيمتنا على طرفين الأول الامبريالية الأمريكية ، والثاني شعبنا نفسه الذي طالما تحمل ويلات سياسييه السابقين واللاحقين ، فقد طالعتنا في حينها جريدة الثورة الرسمية والناطقة آنذاك بإسم الحزب والثورة وعلى صدر صفحتها الأولى بسلسلة مقالات في أيام 3 ، 4 ، 5 من نيسان وتحت عنوان ( ما الذي حصل ولماذا حصل الذي حصل ) ، تماما كما هو حال المقال ( موضوع الرد على المقالة الحالية تعرف على الشروق لكاتبها جلال الوزير ) لم تبقى فاحشة ودونية لم تلصق بأهلنا في الجنوب دون تمحيص أو إستثناء فهم ( مستوردون وهم هنود وهم يعيشون ويتكاثرون كالحيوانات ، ويتنقلون على المشاحيف دون ملابس داخلية ) وغير ذلك مما آثار تقزز الشارع العراقي في حينها وخاصة المثقفين منه ، ومن المؤسف حقا إن كاتب هذه السلسلة من المقالات البذيئة كما تبين فيما بعد هو مدير التوجيه السياسي وكان من مدينة العمارة. ألم يكن هذا نفسه شعبنا وإن جيلا كاملا منه ولد في ظل " الثورة " ألم يكن الذي جرى تفسيرا وترجمة حقيقية لفشل وعجز حكومات العراق المتعاقبة سواء تلك التي جاءت بالشعارات القومية والثورية واليسارية قبل الاحتلال ، أو تلك الإسلامية الطائفية التي جاءت أيضا بإسم مظلومية أهلنا في الجنوب وخدعتهم مرتين بعد الاحتلال ، أليس هذا الشعب نفسه هو الضحية ، وإن والجلاد هو نفسه يأتي وفي كل مرة يتحدث بإسمه ويطلب منه المزيد من التضحية بإسم المذهب والطائفة وقبلها بإسم القومية والوطنية ، فمتى يأخذ هذا الشعب أكثر مما يضحي ويعطي ؟.
كي لا نزايد على شعبنا في الجنوب، حقائق بالأرقام بعيدا عن الخرافات
سوف لن نخوض في معرض الرد على هذا المقال بالسرد التاريخي الذي حاول من خلاله الكاتب خلط الأوراق كما يشتهي دون ضابط أو وازع وإنما لبعض الحقائق المعاصرة والأرقام :
أولا – عدد شهداء مدينة الثورة في بغداد ( وهي حي من تسعة أحياء تضمها محافظة بغداد ) عدد شهدائها خلال الحرب العراقية – الإيرانية ، بلغ 35 ألف شهيد طبقا للإحصائيات الرسمية ، في حين بلغ عدد شهداء "محافظة كاملة" من وسط العراق فقط ثمانية ألاف شهيد .
ثانيا – عدد شهداء الجيش العراقي الوطني في كل معاركه القومية والوطنية ومنذ تأسيسه عام 1921 ولغاية حله عام 2003 بلغ عدد شهداء هذا الجيش فقط من محافظة الناصرية 250 ألف شهيد ( ربع مليون شهيد ) ، راجع كتاب ، قصتي مع السفر الخالد للجيش العراقي ، للفريق الركن معاون رئيس أركان الجيش العراقي السابق ياسين فليح خلف ، الفصل 16 ، الصفحة 682 .
ثالثا – بعد الاحتلال الأمريكي الغاشم على العراق وعلى الرغم من حل وتدمير كافة صمامات الضبط الاجتماعي كالجيش والشرطة والأمن من قبل الاحتلال وعدم وجود أية مؤسسات أو حكومة عراقية منذ تاريخ 9 / 4 / 2003 يوم احتلال بغداد ، ولغاية 1 / 6 /2004 تاريخ مسرحية تسليم السيادة - أي أكثر من سنة - لم تشهد بغداد أو أي من المناطق المختلطة حادث طائفي واحد ، مما يدلل على سلامة ونقاء وطيبة جوهر النسيج الاجتماعي العراقي قبل أن تتدخل القوى الخارجية وبعض المأجورين من السياسيين وبعض من رجال الدين لتمزيق هذا النسيج والتفنن في إثارة الأحقاد وبث الشكوك والسموم .
رابعا - نجح شعبنا في الجنوب من قبر كافة محاولات تقسيمه وفصله عن العراق تحت ذريعة الأقاليم وفيدرالية الجنوب رغم توفر جميع الظروف الموضوعية لهذا الانفصال سواء رغبة دول إقليمية أو عربية مجاورة أو استخبارات هذه الدول وأحزابها المهيمنة على شعبنا في الجنوب أو كثرة الأموال أو ما يبيحه الدستور وتشجع عليه الأحزاب العنصرية ذات النزعة الانفصالية في شمال العراق ، ومع ذلك فشل إقليم البصرة وفشل إقليم الجنوب ، فمن ياترى وراء هذا الفشل ؟، هكذا هو توزيع الأدوار فإذا كان شعبنا في كثير من المحافظات قد تشرف بحمل السلاح ضد المحتل وهزيمته ، فإن شعبنا في الجنوب يعد أيضا كأخوته مقاوما من الطراز الأول في دفاعه عن وحدة العراق وإجهاضه لمحاولات تنفيذ مخطط الأقاليم والفيدرالية تمهيدا لتقسيم وتفتيت العراق.
خامسا – أستعير هنا مقطعين تاريخيين لأهم مؤرخين عراقيين معاصرين في نفس السياق المتعلق بهذا الموضوع وهما للمؤرخ عبد الرزاق الحسني والدكتور المهندس أحمد سوسة ، وذلك فقط لكي نميز الصياغة والرصانة وبعد النظر والحس الوطني البناء والعالي ، وبين التفاهة وقصر النظر وبث السموم :
(( في العراق ديانات متباينة وقوميات متعددة ولكن جميع هذه الأقوام والديانات والأقليات واللغات تذوب في بوتقة الوحدة العراقية . أما دين الدولة الرسمي فالإسلام , ولغتها القانونية العربية , ويستظل في هذه الوحدة اصغر العناصر وأكبرها على حد سواء )) انظر السيد عبد الرزاق الحسني , العراق قديما وحديثا , مطبعة العرفان , لبنان , 1958 , صفحة 8 . كذلك انظر الدكتور المهندس احمد سوسة ماذا يقول .. (( ولا نخال الأقوام الأولين الذين اختاروا منطقة اهوار جنوبي العراق ليتخذوا منها مستوطنا لهم قبل حوالي خمسة آلاف عام يختلفون كثيرا عن أحفادهم سكان الاهوار الحاليين في نمط حياتهم . في أساليب معيشتهم , في هيأتهم , في تنقلهم بين غابات القصب , في بناء أكواخهم القصبية وسط الماء )) راجع الدكتور المهندس احمد سوسة عضو المجمع العلمي العراقي , تاريخ حضارة وادي الرافدين في ضوء مشاريع الري والمكتشفات الاثارية والمصادر التاريخية , دار الحرية للطباعة , بغداد , 1983 , صفحة 413 ولمزيد من التفاصيل راجع المؤلفات القيمة والتفصيلية للفنان الدكتور يحيى الجابري .
سادسا – في الاحتلال البريطاني الأول نشبت ثورة العشرين وثار فيها شعلان أبو الجون تماما كما ثار فيها ضاري المحمود والشيخ الكردي محمود الحفيد وفتحت على الجيش البريطاني في حينها أربعة عشر جبهة امتدت من شمال العراق حتى جنوبه ، وفي ( دكة الرارنجية ) بين الحلة والكفل ، أدرك الانكليز تماما إنهم استهانوا بقوة العراقيين ، وأمام خسائرهم الفادحة في هذه المعركة اضطروا إلى المجيء بحكم عربي لامتصاص زخم الثورة بعد أن كانوا يريدون تهنيد العراق وضمه إلى التاج البريطاني ، وبعد 84 سنة قامت الفلوجة بنفس الدور فأبكت أعتى جيش على الأرض وأذلته وبعد شهرين أضطر الحاكم الأمريكي المدني إلى تسليم ما يسمى السيادة إلى حكومة عراقية ، الأرض عراقية والإبطال عراقيون والعدو واحد .
ثامنا - بخصوص تشكيك الكاتب جلال الوزير في مقالته ( تعرف على الشروك ) بثقافة وفن وموسيقى أهلنا في الجنوب والتي هي هويتنا العراقية ومبعث إعتزاز كل العراقيين حيث كتب مانصه : ( إن الشروكية لهم آلات موسيقية خاصة بهم بعيدة عن الآلات الموسيقية العربية .. وهي آلات والحان البلوشية واللورستانية ) فإنها في الحقيقة ليست سوى قذف للاتهامات وتمثل منتهى الحقد الأعمى للبصيرة قبل البصر ،فالآلات الموسيقية العراقية هي أعرق وأقدم من أية آلات موسيقية عرفتها البشرية وللعراقيين القدامى قبل ستة ألاف سنة السبق في الابتكار والصنع والولادة، أما فيما يخص الأغاني والأبو ذيات وهي تراث هذا الشعب وذاكرته الموسيقية التي تجاوزت أطواره 65 طور غنائي بنيت معظمها على سلالم ومقامات موسيقية عربية عراقية أصيلة ، لاعلاقة لها بالهنود والبلوش واللورستانيين كما يدعي الكاتب الجاهل بأبسط جذور عراقيته وأسط حدود التاريخ والمعرفة .
كيف نؤسس لثقافة تسامح وطنية مقابل الثقافات الفرعية
في الظرف المأساوي الذي يعيشه العراق حاليا ، وفي ظل الاستقطابات الطائفية والتهديدات الخارجية ليس أمامنا سوى التمسك بساتر ثقافتنا الوطنية فهي صمام أمان وحدتنا ، وعلينا أن نضع أكثر من علامة استفهام على كل من يطعن بهذه الوحدة ويثير الفتنة والاحتقان سواء كان سياسيا أو رجل دين أو طرفا خارجيا أو دوليا، إن تأسيس مثل هذه الثقافة يحتاج إبتداءا عدم وقوع المثقفين بمثل فخ هذه المقالة والتي أستدرج من خلالها الكاتب بخبث بعض المثقفين الذين أنبروا للرد عليه ولكنهم دون وعي تخندقوا مباشرة " طائفيا " للرد على أكاذيبه وتمادوا في ذلك فأصبحوا في الموقع الذي أراده الكاتب من وراء هذه المقالة المسمومة ، إن خير من يدافع عن أهلنا في الجنوب يجب أن يكون أبن الموصل ، وخير من يدافع عن الفلوجة يجب أن يكون أبن الناصرية ، وخير من يدافع عن أهلنا في السليمانية هو أبن البصرة . العراقيون كالأواني المستطرقة ألوانهم مختلفة وأشكالهم مختلفة وأسمائهم مختلفة ولكن منسوب الوطنية والشجاعة والطيبة فيهم واحد من زاخو حتى الفاو .
ملاحظة هامة ....
------------------------------------------------------------------------------------
· قبل أن أباشر في الرد على المقال ساورتني شكوك حول درجة ( بروفسور ) التي وضعها الكاتب جلال الوزير أمام أسمه لأني تأكدت ومن خلال أسلوب المقال إنه يفتقر إلى الحد الأدنى للمنهجية العلمية ، وربطه لسلسلة من الأكاذيب والترهات دون سند بل إعتمد على "أغنية" للمطرب كاظم الساهر ( عبرت الشط على مودك ) لتأكيد ما ذهب إليه ، وهذا كما هو معروف أكاديميا يعد كفر بالبحث العلمي ، كذلك المصادر التي لصقها دون الترتيب العلمي المعهود كالإشارة الى الصفحة وغير ذلك والتي لايمكن لباحث مبتدأ إغفالها ، فكيف يكون إذن مثل هذا الكاتب (برفسور) وفي جامعة السوربون بفرنسا ؟ ، وكنت قد بعثت برسالة إلى كل من أعرفه في فرنسا من زملائنا العراقيين لمعرفة هوية وخلفية هذا الكاتب ، وأتضح عدم وجود مثل هذا الاسم أصلا كما لم أعثر له على دراسة واحدة عدا هذه المقالة اليتيمة المسمومة ، مما يسلط الضوء على هدف المقال وخلفية من يكتبها .
· للاطلاع على مقالة ( تعرف على الشروك ) لكاتبها جلال الوزير، يمكن الرجوع إلى الرابط التالي
http://www.iraq-orl.com/readNews.php?id=21502