خطة بغداد تثقل كاهل السجون.. والقضاء يعجز عن مواكبة الزيادة في أعداد المعتقلين
ففي نهاية مارس (آذار) الماضي كان هناك ما يقرب من 20 ألف سجين في سجون ومعسكرات اعتقال ومراكز شرطة وأماكن احتجاز أخرى وفقا لتقرير أصدرته الامم المتحدة الشهر الماضي، وهو ما يمثل زيادة تتجاوز 3500 سجين بالمقارنة مع نهاية يناير(كانون الثاني) الماضي. وقال الجيش الأميركي أواخر الأسبوع الماضي، انه يعتقل حوالي 19500 شخص، وهو ما يزيد بأكثر من ثلاثة آلاف منذ ان بدأت الحكومتان الأميركية والعراقية بتنفيذ خطة الأمن أواسط فبراير(شباط) الماضي.
وتتباين التقديرات عن المحتجزين في السجون العراقية، حيث التقارير عن أعمال الضرب والتعذيب شائعة، لأن المعتقلين موزعون على مئات من المواقع التي تديرها وزارات مختلفة. ويحتجز الجيش الأميركي المعتقلين في مركزين رئيسيين هما كامب بوكا في جنوب العراق وكامب كروبر قرب بغداد. ويقول مسؤولون إنهم ملتزمون بتجنب الانتهاكات التي ظهرت في سجن ابو غريب في أعقاب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003. وتدار السجون العراقية للمجرمين المدانين من قبل وزارة العدل، ولكن بسبب الازدحام في مراكز الاعتقال التابعة للجيش العراقي، نقلت السلطات الكثير من السجناء الذين لن تجري محاكمتهم للعيش مع المحكومين. وقال وكيل وزارة العدل بوشو ابراهيم علي دزه ئي «وفرنا بعض المكان لهم، ولكن مكاننا مليء في الوقت الحالي». وأضاف مشيرا الى الجيش «هذه مشكلتهم وليست مشكلتنا». وقال دزة ئي في مقابلة معه في مكتبه ببغداد، إن وزارة العدل أخذت 1843 من هؤلاء السجناء من الجيش منذ بداية الخطة الأمنية في فبراير الماضي وحتى 21 ابريل(نيسان) الماضي، أي ما يزيد على 15 في المائة من نزلاء السجون التابعة للوزارة.
وقال الجنرال جوزيف اندرسون رئيس هيئة أركان القائد الميداني العسكري الأميركي الأعلى في العراق، ان «سبب وجود عدد أكبر من السجناء يعود الى وجود عدد أكبر من القوات على الأرض، عراقية او من دول التحالف، تقوم بالعمليات، وبالتالي فان هناك عددا اكبر من الأفراد الذي يخرجون، وبالتالي يجري اعتقالهم. والمسألة الجوهرية هو أن لدينا ما هو أكثر مما نستطيع معالجته».
وينص الدستور العراقي على أن الوثائق المتعلقة بالتحقيق الأولي يجب ان تحال الى قاض خلال 24 ساعة من اعتقال المتهمين مع احتمال تمديد الفترة ليوم آخر. ولكن فيض السجناء جعل الوضع أسوأ، حيث ينتظر كثيرون أسابيع أو شهورا قبل ان تجري محاكمتهم.
ومن اجل التدقيق في قائمة السجناء المتزايدة، أرسلت السلطات فرق قضاة ومدعين ومحققين، عرفت باسم «فرق النمور»، لتقرير ما اذا كانت هناك أدلة كافية في قضية معينة توجب إبقاء المتهم قيد الاعتقال وفقا لمسؤول غربي ببغداد مطلع على نظام السجون. ولكن الفرق لا تستطيع مجاراة الزيادة في عدد المعتقلين.
وقال المسؤول، غير المفوض بالتحدث علنا وأجريت المقابلة معه بشرط عدم الاشارة الى اسمه «أمامنا فيض من القضايا ونظام قضائي لا يمكن أن يتوافق مع الواقع القائم. إنهم أساسا يغلقون عيونهم عن المشكلة في إطار خطة أمن بغداد». وقال مسؤولون من وزارة حقوق الإنسان، إن مرافق وزارة العدل تقدم أفضل ما يمكن أن يأمل به أي سجين عراقي، فهي تلتزم بالمعايير الدولية من حيث المكان والمعاملة. لكن المسؤولين أصبحوا قلقين بشكل متزايد حول معسكرات الاعتقال التي يديرها الجيش العراقي ووزارة الداخلية، التي تشرف على قوة الشرطة. وكان القلق بالدرجة الأولى منصبا على مركز الاعتقال في الكاظمية، وهي منطقة ذات غالبية شيعية في شمال بغداد. وبني المركز كي يستقبل 400 شخص، لكن تردد أن هناك أكثر من 1000 معتقل فيه، حيث يختلط صغار السن بالكبار، حسبما قال مسؤولون. وقال بعض المعتقلين السابقين في مركز الكاظمية، إنهم تعرضوا للتعذيب. وقال مسؤول من الأمم المتحدة في بغداد «إنهم وصفوا أساليب التعذيب والإساءة حينما كانوا هناك. فالضرب الروتيني والتعليق من الأطراف لفترات طويلة واستخدام الرجات الكهربائية للأعضاء الحساسة في الجسد، والتهديد بسوء معاملة الأقارب. وفي حالة واحدة قال أحد المعتقلين إنه أجبر على الجلوس فوق جسم حاد، مما سبب له جرحا داخليا». لكن المتحدث باسم وزارة الداخلية، اللواء عبد الكريم خلف، أنكر أن يكون هناك سوء معاملة للمعتقلين في مركز الكاظمية. ولم يسمح للجنة القضائية التي تشكلت تحت خطة أمنية لمراقبة السجون بالدخول إلى مركز الكاظمية حينما طلبت أن تقوم بالتفتيش، حسبما قال جاسم البهادلي الذي يرأس اللجنة.
ويمكن القول إن فهم حجم برنامج الاعتقالات الذي تتبعه وزارة الداخلية صعب جدا، لأن المعتقلين موزعون في أكثر من 800 مركز شرطة عبر شتى أنحاء العراق، ونظام التعقب ليس بمستوى المعايير السائدة في الوزارات الأخرى، حسبما قال بعض المسؤولين. وقال مسؤول غربي: «القلق من وزارة الداخلية يكمن في عدم معرفة أي شخص ما يجري في مراكز اعتقالاتها».
وتحت الخطة الأمنية يحتفظ الجيش العراقي بما لا يقل عن خمسة مرافق اعتقال في بغداد، لكنها مملوءة بالعشرات إن لم تكن بالمئات، وهذا أكثر مما صممت إليه من حيث الاستيعاب. وخلال زيارة لمراكز اعتقال جرت حديثا في مدينة المحمودية جنوب بغداد، وجدت اللجنة 827 معتقلا في أربع قواطع، وهي مبنية لتضم 400 شخص. أما زيارة مركز الاعتقال في قاعدة المثنى الجوية ببغداد، فكشفت عن وجود 272 معتقلا محشورين في مركز مخصص لاستقبال 75 شخصا، حسبما قال معن زكي الشمري أحد المسؤولين في اللجنة. وأضاف أنه في زنازين فردية كان «هناك ستة أشخاص في كل واحدة. وإذا أرادوا استخدام الحمام فإن عليهم أن يستحموا داخل هذه الزنازين باستعمال زجاجات». ولم يكن المتحدث باسم وزارة الدفاع محمد العسكري، موجودا كي يعلق على الرغم من المحاولات المتكررة للوصول إليه. ويقول أحمد كاظم لطيف، 20 سنة، انه تعرض للحبس قبل حوالي عام في سجن المثنى بسبب الاشتباه في محاولته زرع عبرة ناسفة على جانب واحد من الطرق. ولم يجر التأكد من مدى صحة ادعاءه التعرض للحبس، إلا ان هذا النوع من الحبس يتطابق مع التقارير الصادرة عن منظمات حقوق الإنسان. وقال لطيف إن الحراس طلبوا منه الاعتراف بعد إلقاء القبض عليه مباشرة. رفض في البداية الاعتراف، وقال انهم علقوه من رجليه وكانوا يضربونه بخراطيم على ظهره وبطنه ويسألونه اثناء الضرب ما اذا كان سيعترف أم لا. وقال لطيف أيضا إن الحراس استخدموا الصدمات الكهربائية لحرق كفيه ولم يقدموا له طعاما لمدة ثلاثة أيام. وفي نهاية الأمر اعترف بأنه زرع عبوة ناسفة، لكنه يؤكد انه أدلى بهذا الاعتراف بسبب الضرب الذي كان يتعرض له. ويقول الشمري ان أي معتقل جلب الى ذلك المكان تعرض للضرب، وأضاف ايضا انهم كانوا ينتزعون الاعترافات بالقوة. المسؤولون العراقيون اعترفوا من جانبهم بأن السجون مكتظة بالنزلاء وان هناك انتهاكات ارتكبت بالفعل، لكنهم ظلوا يشيرون الى ان اساءة معاملة المحبوسين حالات استثنائية وليست روتينا متبعا. وقالت وزيرة حقوق الإنسان العراقية، وجدان سالم، ان الجنود الذين يعملون حراسا في السجون العسكرية العراقية لم يتلقوا تدريبا على رعاية السجناء، وقالت ايضا انهم «لا يعرفون طريقة التعامل معهم». وكانت وزارة الخارجية الاميركية قد نشرت سلسلة الانتهاكات في تقريرها الخاص بحقوق الإنسان في مارس(آذار) الماضي. وجاء في التقرير أن «هناك حالات تعذيب جرى توثيقها وحالات استغلال نفوذ من جانب عاملين في الحكومة ومن جانب الجماعات المسلحة». وتضمنت الانتهاكات التي حدثت داخل المنشآت التابعة لوزارتي الداخلية والدفاع العراقيتين وجرى توثيقها بواسطة منظمات محلية وعالمية تعمل في مجال حقوق الإنسان «استخدام الصعقات الكهربائية ونزع الأظافر والضرب المبرح، وفي بعض الحالات التهديد من جانب أفراد الشرطة بالاعتداء الجنسي على المعتقلين وأفراد أسرهم الذين يأتون لزيارتهم». وتعكف السلطات العراقية والاميركية على تشييد مركزي حبس شرق العاصمة بغداد، احدهما في سجن حالي بالرصافة، وذلك بغرض استيعاب الأعداد المتزايدة من المعتقلين. وتبلغ سعتهما 5250 نزيلا. ويقول ده زه ئي، نائب وزير العدل العراقي، ان خياما تسع الواحدة منها 30 نزيلا ستقام لاستيعاب 850 معتقلا في معسكر بلديات. وتتبع مساحة السجن الجديد لمشروع كبير أطلق عليه «مجمع الرصافة للنظام والقانون»، وهو مجمع محصن بالقرب من مبنى وزارة الداخلية العراقية، ومن المقرر ان يشتمل على محكمة وأماكن للقضاة والمحامين داخل منطقة خاضعة للحراسة. وتهدف السلطات الى إنشاء منطقة على غرار «المنطقة الخضراء» المحصنة وسط العاصمة بغداد، على نحو يمكّن السلطات من النظر في الأعداد المتزايدة من القضايا. ويقول الكولونيل مارك مارتنز، الذي يعمل في وحدة القضاء العسكري، ان هذا الإجراء يمثل خطوة صغيرة الى الأمام على صعيدين أولهما الإرادة السياسية لتطبيق حكم القانون، وثانيهما المقدرة على تطبيق العدالة من خلال إجراءات سليمة وشرعية.
*خدمة «واشنطن بوست» (خاص بـ«الشرق الأوسط») - شارك في إعداد هذا التقرير كل من سعد العزي ونصير نوري ونصير مهداوي
Sharp Rise Follows Start of Security Plan; Suspects Housed With Convicts
By Joshua PartlowWashington Post Foreign ServiceTuesday, May 15, 2007;
BAGHDAD -- The capture of thousands of new suspects under the three-month-old Baghdad security plan has overwhelmed the Iraqi government's detention system, forcing hundreds of people into overcrowded facilities, according to Iraqi and Western officials.
Nearly 20,000 people were in Iraqi-run prisons, detention camps, police stations and other holding cells as of the end of March, according to a U.N. report issued last month, an increase of more than 3,500 from the end of January. The U.S. military said late last week that it was holding about 19,500 detainees, up more than 3,000 since the U.S. and Iraqi governments began implementing the security plan in mid-February.
Iraq's prisons for convicted criminals are managed by the Justice Ministry, but because of crowding in Iraqi army detention centers, authorities have transferred many untried detainees to live with convicts.
"We made some space for them, but now our space is full," said Deputy Justice Minister Pusho Ibrahim Ali Daza Yei. Referring to the military, he added, "This is their problem, not mine."
Yei, in an interview at his Baghdad office, said the Justice Ministry had taken in 1,843 such detainees from the military from the start of the security plan in February through April 21, an influx that now accounts for more than 15 percent of the ministry's prison population.
"The reason why there's more detainees is because there's more forces on the ground, both Iraqi and coalition, out there doing operations. So you've got more people to go out and detain them," said Brig. Gen. Joseph Anderson, chief of staff for the top American military field commander in Iraq. "The bottom line is we have more than we can handle collectively."
The Iraqi constitution mandates that documents outlining the preliminary investigation must be submitted to a judge within 24 hours of a suspect's arrest, with a possible extension of another day. But the flood of prisoners has worsened a situation in which many often wait weeks or months before their cases are heard.
To filter through the rapidly growing list of detainees, authorities have dispatched teams of judges, prosecutors and investigators -- known as "tiger teams" -- to determine whether there is enough evidence in a case to hold the suspect, according to a Western official in Baghdad familiar with the prison system. But the teams cannot keep up with the influx.
"We're just storing up a tidal wave of cases, with a judicial system that cannot cope with what they've got," said the official, who is not authorized to speak publicly and was interviewed on condition of anonymity. "They're basically closing their eyes to the problem under the Baghdad security plan."
Human rights officials say Justice Ministry facilities offer the best an Iraqi prisoner can hope for, as they generally meet international standards for space and treatment. But officials are increasingly concerned about the detention camps run by the Iraqi army and the Interior Ministry, which oversees the police force. In particular, several officials raised concerns about a detention center in Kadhimiyah, a predominantly Shiite neighborhood of northern Baghdad. The center, built to hold about 400 people, is said to house more than 1,000, with juveniles mixed into the population, officials said.
Some former inmates at Kadhimiyah have told human rights officials that they were tortured.
An Interior Ministry spokesman, Brig. Gen. Abdul-Karim Khalaf, denied that detainees are abused at the Kadhimiyah facility.
Understanding the scope of the Interior Ministry's detention program is difficult because prisoners are scattered across more than 800 police stations throughout Iraq, and the tracking system is not up to the standards of other ministries, officials said.
"The concern with the [Interior Ministry] is it's a black hole and no one knows what's going on inside," said the Western official.
Under the security plan, the Iraqi army maintains at least five detention facilities in Baghdad, but these are filled with scores, if not hundreds, more people than they were designed to hold, Bahadeli said.
During a recent visit to a detention center in the town of Mahmudiyah, south of Baghdad, his committee found 827 prisoners in four wards built for a total of 300 people. A visit to the detention center at Muthana air base in Baghdad revealed 272 people crammed into a facility intended for 75, said Maan Zeki al-Shimmari, another official with the committee.
In cells intended for individuals, "there were six people in every one," he said. "And if they want to use the bathroom, they have to do it inside these rooms using a bottle."
The spokesman for the Defense Ministry, Mohammed al-Askari, was not available for comment despite repeated attempts to reach him.
Ahmed Kadhum Latif, 20, said he was imprisoned a year ago at Muthana air base on suspicion of planting a roadside bomb. His account of his detention could not be independently confirmed, but it echoes the reports of human rights officials.
Soon after he was arrested, Latif said, guards demanded he confess. For a while, he refused. "They hung me in the air by my legs and beat me with a stick," he said in a telephone interview. "They beat me with pipes on my back and my stomach. They said, 'Will you be confessing now or not?' "
Latif said the guards, who were drinking alcohol, used electric shocks to burn his hands and held him for three days without food.
"No detainee goes in that doesn't get beaten," said Shimmari. "They take confessions by force."
"It's not their job," she said. "They don't know how to deal with them."
The State Department chronicled a series of detainee abuses in its human rights report published in March. The report found "many, well-documented instances of torture and other abuses by government agents and by illegal armed groups."
Instances of abuse inside Defense and Interior Ministry facilities reported by local and international human rights groups included "application of electric shocks, fingernail extractions, and other severe beatings. In some cases, police threatened and sexually abused detainees and visiting family members," the report said.
To accommodate the burgeoning prison population and try to prevent such mistreatment, U.S. and Iraqi authorities are building two detention facilities in eastern Baghdad, one at an existing prison complex in Rusafa, capable of accommodating 5,250 people. At a camp in Baladiyat, to hold 850 prisoners, detainees will live in tents built for 30 people each, said Yei, the deputy justice minister.
The new prison space is part of a massive project called the Rusafa Law and Order Complex, a fortified compound near the Interior Ministry building that, when finished, will include a courthouse and dormitories for lawyers and judges, within a guarded perimeter. The goal is to create a second Green Zone-style haven where authorities can push through the growing backlog of criminal cases.
"This represents a small step forward -- and it must be emphasized that this is merely a foothold -- on two fronts: the political will to embrace the rule of law and the capacity to render justice through secure and legitimate proceedings," U.S. Army Col. Mark S. Martins, senior staff judge advocate, said in a statement.
Special correspondents Saad al-Izzi, Naseer Nouri and Naseer Mehdawi contributed to this report.