قانون النفط وصفة جاهزة لتقسيم العراق
سبع منافذ بحرية علي شط العرب لتهريب النفط تسيطر عليها المليشيات ومافيا النفط
حاوره - د. طارق الشيخ : لا أعلم ما اذا كانت الحرب في العراق قد بلغت نهايتها بالإعلان عن قانون النفط أم ان هذا القانون سيدخل بالعراق الي مرحلة جديدة وخطرة. فاذا كانت الحرب التي شنتها الولايات المتحدة علي العراق قد بنيت علي فرضيات مثل امتلاكه لأسلحة الدمار الشامل، أو العلاقة الدامغة التي تربط بين صدام وتنظيم القاعدة. فقد تهاوت هذه الفرضيات واحدة تلو الأخري. وبقيت فرضية لم تعلنها الادارة الأمريكية وإنما افترضها الكثير ممن أدهشهم اصرار ومثابرة الإدارة الأمريكية علي خوض الحرب. فرضية تقول بأن الحرب وكل ماجري في الخليج العربي من قبل وبعد تلك الحرب كان له هدف واحد وهو الثروة النفطية في العراق. وخلال الأشهر القليلة الماضية أثار قانون النفط العراقي الجديد الجدل بين القوي السياسية وأيضا الخبراء من داخل العراق ومن خارجه. واتفق الجدل علي أسئلة حقيقية حول الغرض من المثابرة والدأب علي تمرير هذا القانون وفي هذا الوقت بالذات علي الرغم مما يثيره من اسئلة تحتاج الي إجابات شافية واتفاق من حوله. فالقانون يحدد مصير الثروة مثلما يحدد أيضا مصير العراق. لكل هذا انتهزت فرصة وجود الاستاذ عصام عبدالرحيم الجلبي وزير النفط العراقي السابق في الدوحة لإجراء هذا الحوار. فالرجل يعتبر أحد رموز صناعة النفط العراقية وهو الذي تولي وزارة النفط إبان حكم الرئيس صدام حسين ثم استقال من المنصب.. لكنه استمر متابعا الشأن النفطي العراقي ومصير النفط العراقي ومستقبله. شمل الحوار وقفات علي مسار صناعة النفط العراقية الحالي وتركز جله حول القانون الجديد والمثير للجدل.
مثلما عاني العراق في العقود الأخيرة كانت صناعة النفط هناك جزءا أصيلا من هذه المعاناة هل يمكن رسم صورة معبرة عن حال هذه الصناعة ؟
-تاريخ معاناة صناعة النفط العراقية مرتبط مع بداية الحرب العراقية - الإيرانية حيث تعرضت كافة المنشآت النفطية وتكرير النفط أو صناعة الغاز في العراق لضربات مباشرة بالطائرات والصواريخ ، وتضررت من ناحية فنية كثيرا . في الثمانينات كانت هناك محاولات مستمرة لاعادة اصلاحها وأعيد جزء كبير منها للعمل وتم بناء منشآت جديدة برغم ظروف الحرب ، مثل الأنبوب النفطي عبر أراضي السعودية وتوسيع طاقة الضخ عبر تركيا حيث تم إنشاء أنبوب ثان ، وتم إنشاء مصافي نفط عملاقة ومشاريع لصناعة الغاز. وكلها أنجزت بحيث أن طاقة الاستخراج التي وصلت الي حدود 3.8 مليون برميل يوميا عام 1979 تم ايصالها الي نفس النسبة عام 1990 ، وكانت الصادرات بحدود ثلاثة ملايين برميل يوميا.
بعد حرب الخليج تعرضت المنشآت للضرب مرة أخري بصورة مباشرة نتيجة للقصف الامريكي ولحقت بكثير من المنشآت أضرار بالغة خاصة مصافي النفط . ظروف الثمانينات تختلف عن ظروف التسعينات . في الثمانينات كانت هناك فرصة للحصول علي الدعم ومساندة شركات أجنبية بالحصول علي المعدات . وفي التسعينات كان العراق تحت الحصار منذ غزوه الكويت للعقوبات الصادرة من الأمم المتحدة. وبالتالي كان من الصعب علي العاملين في قطاع النفط الحصول علي المواد الاحتياطية. الكادر النفطي العراقي تمكن من إعادة هذه المنشآت بشكل قابل للتشغيل ليس بصيغة الكمال ولا النوعية المطلوبة ولكن تمكنت القدرات العراقية من إعادة المصافي للعمل وبنسبة معقولة وتم تزويد المواطنين بالمشتقات النفطية في غضون شهرين من انتهاء الحرب ، وكذلك أعيدت الكهرباء. وإذا قارنا هذا مع ماحدث في حرب الخليج الثانية لاحظنا ان الكهرباء وحتي اللحظة لاتصل الي المواطنين في كثير من المناطق ولفترة لاتزيد علي الساعة في اليوم . المشتقات النفطية لاتزال بوضع سيء جدا ، والاسعار تضاعفت بشكل جنوني بحيث وصلت الاسعار أضعاف ما عليه هذه المنتجات في أي بلد بالمنطقة. في التسعينات كان الوضع تحت الحصار وتمت معاودة الضخ حسب برنامج النفط مقابل الغذاء. ووصل الانتاج الي حوالي 2.8 مليون برميل يوميا ، كانت الطاقة وقتها حوالي 3 ملايين برميل. والصادرات وصلت الي حدود 2.5 مليون برميل يوميا.
كمعدل للانتاج حاليا لم يصل الانتاج لأكثر من 2 مليون برميل يوميا ، مقارنة مع اكثر من 3 مليون برميل يوميا قبل غزو العراق والصادرات بحدود مليون الي مليون ونصف برميل يوميا لا أكثر وهذا معدل عام 2006 والسنوات السابقة كانت أقل من ذلك . وهذا يدل ان العراق قد فقد الكثير من طاقاته في استخراج وتصدير النفط كما تعرضت الكثير من منشآته الي النهب والسلب والدمار ليس بسبب القصف خلال حرب الخليج الثانية وانما بسبب الفلتان الأمني وعدم قيام قوات الاحتلال بحماية هذه المنشآت.وتعرضت حتي الأبنية الادارية للنفط في الشمال والجنوب الي مداهمة من قبل العصابات والمليشيات وحرقت الكثير من الملفات والوثائق المهمة بالنسبة الي العراق. وبالرغم من ان قوات الاحتلال قامت بجلب العديد من الشركات الامريكية مثل هاليبرتون للقيام بعمليات الاصلاح لكنهم فشلوا في إضافة أي طفرة نوعية ولازالت المنشآت النفطية في وضع بائس بدرجة كبيرة.
واعطيك مثال أن اسطوانة الغاز العادية تباع حاليا في العراق بسعر يصل مابين ثلاثين ألف الي خمسين ألف دينار رغم ان سعرها الرسمي لايتعدي 250 دينارا ، أي مايعادل 25 الي 35 دولار. حتي النوعية والكمية هي أقل كثيرا عن المطلوب. وهذا يدل علي ان الصناعة النفطية اصبحت في وضع سيء. أضف الي ذلك وضع المكامن النفطية نفسها لم يجر عملية تطوير لها أو صيانة خلال الأربع سنوات الماضية.
التهريب والنهب من السمات التي ميزت صناعة النفط العراقية في السنوات الأخيرة.
-نعم لقد تعرضت المنشآت النفطية للعديد من عمليات التخريب والتهريب والنهب. وتعرضت خطوط النفط لعمليات تخريب ، لكن في كثير من الاحيان يكون الهدف من تلك العمليات سرقة الانتاج لنفطي حيث يقومون بفتح الانابيب وسرقة النفط وتهريبه الي الدول المجاورة عبر السفن الصغيرة التي تهرب عبر شط العرب. وربما يتم تهريبه الي سفن موجودة فيمياه الخليج. وباعتراف وزارة النفط ووفقا لتقرير صدر عنها قبل سنة هناك سبع منافذ بحرية مقامة علي شط العرب وتسيطر عليها مليشيات مدعومة من قبل أحزاب سياسية وربما من قبل مافيات تتاجر بالنفط . أصبحت هذه عملية مستمرة تقوم بها هذه الجهات تحت سمع وبصر القوات المحتلة.
أين يحدث هذا تحديدا وهل هناك أرقام محددة لحجم النفط المهرب ؟
تتم عمليات التهريب في المناطق الجنوبية. والأرقام التي ذكرتها وزارة النفط عن الخسائر من جراء عمليات التهريب والتخريب تزيد علي المليار دولار سنويا. العراق وحتي خلال فترة الحصار كان يقوم بتصدير بعض المشتقات النفطية الي الخارج مثل تركيا وسوريا والأردن. والعراق حاليا ومنذ بضعة أشهر فقط بعد الاحتلال أخذ في استيراد المشتقات النفطية ، ويصرف الي مايصل حدود الخمسمائة مليون دولار شهريا ، أي تكلفة تتجاوز الخمسة الي الستة مليارات دولار سنويا. وهذا مبلغ يعادل كلفة إنشاء مصفاتين كبيرتين ، ومع انه كانت هناك برامج لإنشاء مصاف جديدة لكنه وحتي اللحظة لم يتم توقيع عقد لإنشاء أية مصفاة جديدة. وهذا يدل أيضا علي ضعف الإدارات الجديدة لاعتبارات عديدة تتعلق بوزارة النفط أو بالشركات التي ترفض لأسباب أمنية الذهاب الي العراق. وحتي المفاوضات الجارية مع الشركات الأجنبية تتم في الاردن أو في لندن أو في امكنة أخري. وحتي في المناطق الآمنة في شمال العراق لم تتم أية عمليات لإنشاء مصاف جديدة. أضف الي ذلك ان المشتقات النفطية المستوردة يعاد تهريبها الي خارج العراق. وهناك عمليات تمويه تقوم بها جهات من المفترض أنها تراقب عمليات الاستيراد.
ألا يمكن السيطرة علي التهريب بصورة من الصور ؟
-طبعا يمكن ذلك. التهريب يمكن السيطرة عليه اذا كانت هناك الارادة الحقة لذلك ، فهو يتم عبر المنفذ البحري. وشط العرب كما هو معروف ممر ضيق. في بعض النقاط لا يصل عرضه الي أكثر من 30 الي 40 متراً فقط ، وبالتالي يمكن لأي قوات عراقية او بريطانية أو أمريكية أن تضع قوارب حربية للسيطرة علي حركة التهريب. وبالنسبة للبر أعتقد ان من الممكن حماية الحدود ومنع التهريب.
هل تشير بشبهة تواطؤ من جهات معينة في عملية التهريب ؟
- عمليات التهريب كما أشرت تعني الحصول علي مليارات الدولارات وهذه مبالغ كبيرة جدا ، وبالتالي هناك أصابع وجهات كثيرة دخلت علي الخط وأصبحت مستفيدة وتستغل الأموال التي تحصل عليها من عمليات التهريب لأغراضها الخاصة السياسية و العسكرية وبناء المليشيات وتجهيزها بالمال والسلاح والعتاد وكل مايلزم. القوات الأجنبية أيضا تتحمل المسئولية لعدم قيامها بالدور المطلوب في حماية النفط العراقي من التهريب. ويتردد أن القوات الأمريكية والبريطانية في المنطقة الجنوبية تدعي بأن هذا ليس من مسئولياتها. أضف الي ذلك نقطة جوهرية للغاية أثيرت في كثير من المحافل الدولية المتخصصة في النفط.. وأنا أتحدث عن تقارير صدرت عن الكونغرس الأمريكي وتقارير صدرت عن اللجنة الرباعية الدولية التي شكلتها الأمم المتحدة والممثل فيها الأمم المتحدة والبنك والصندوق الدوليان والصندوق العربي للإنماء ، تحدثت هذه كلها عن تقارير تشير الي الكثير من الفساد في قطاع النفط العراقي وغيره من قطاعات. وتتحدث هذه التقارير عن المبالغ الطائلة التي خسرها العراق نتيجة فقدان التصدير وعمليات التهريب ومع ذلك لم تتخذ إجراءات بشأنها. وقد صدرت تقارير عن المفتش العام المعين من الكونغرس الأمريكي وتتحدث عن مخلفات ويدين فيها عمليات التهريب موردا تفاصيل كثيرة. أكثر من ذلك أشير الي موضوع العدادات التي تحدد حجم الصادر من النفط. ففي ميناء البصرة لايوجد به عدادات ، والعدادات التي كانت موجودة تعرضت خلال الاحتلال الي الضرر او ربما لعدم وجود جهة دولية تقوم بتعيير هذه العدادات حتي يتم تحديد الكميات بدقة. ويتردد انه قد تم نصب العدادات قبل فترة قليلة. لكن خلال أربع سنوات كان العراق يصدر نفطه في غياب العدادات ويعتمد طريقة بدائية في التصدير. وهذا يفسح المجال أمام الشك والريبة فعدم وجود عدادات يعني انه ليس بالامكان تحديد الناتج من النفط الخام
هذا علي الرغم من أن المنطق يقول بأن النفط تكمن فيه الحلول للكثير من المشكلات التي يعاني منها العراق اليوم ؟
-
هل تعتقد ان الأمر يتم بعلم ومعرفة قوات الاحتلال ؟
- لا.. قوات الاحتلال لا علاقة لها بعمليات التصدير ويفترض أن دورها يقتصر علي حماية المنشآت النفطية. وعمليات التصدير تتم عبر الكادر العراقي. والان الولاءات في العراق ليست للدولة أو القومية أو لطائفة معينة ، الولاء أصبح لحزب وربما لمليشيا معينة. هذه الحالة تعاني منها الان الوزارات بكل معني الكلمة. وفي بعض الوزارات الكادر المعين فيها ليس محصورا بطائفة معينة فقط وإنما بحزب معين من تلك الطائفة. فالكوادر الان تقدم الولاء ليس
أثار قانون النفط الجديد الكثير من اللغط داخل العراق وخارجه ما تعليقكم علي القانون ؟
- معروف أن البلد بحاجة لقانون للنفط وهذا لاغبار عليه ، وكذلك موضوع هيكلة وزارة النفط والسؤال هو هل هذا هو الوقت المناسب لمثل هذا العمل ؟ هل العراق الذي يعاني الان من عدم وجود المشتقات النفطية وعدم وجود الكهرباء والماء والذي يمنع أولاده من الذهاب الي المدارس ، ولايستطيع المرء أن يخرج الي الشارع وأن يتبضع ولايستطيع أن يتوجه الي دائرة العمل بشكل عادي ، فهل أصبح إصدار قانون للنفط في هذا الوقت هو المسألة المهمة ولمن ولماذا ؟ هل سيكون هذا القانون مفتاح الفرج لأزمات العراق ؟ فمادام الوضع الأمني سيئاً الي هذه الدرجة ومادامت العملية السياسية متوقفة ، وليس بمقدور أي من الشركات النفطية من الدخول الي العراق بغرض التفاوض نهائيا ولايمكنها الوصول الي أي من مواقع انتاج النفط بل هي لاتستطيع أن تصل الي بغداد ولاتستطيع بلوغ مركز الوزارة إذن لماذا العجلة في اصدار مثل هذا القانون ؟ ويبدو لي أن هناك تعليمات من قبل الادارة الامريكية ، تطرق اليها الرئيس جورج بوش نفسه في أكثر من مناسبة وأرسل وزير النفط الامريكي في يونيو الماضي واعلنوا في أكثر من مناسبة أن العراق سيقوم بإعداد قانون جديد للنفط لجذب للاستثمارات الاجنبية. وكأن المشكلة في العراق هي غياب الاستثمارات الاجنبية.
الحديث يدور عن ضغوط أمريكية قوية من أجل إجازة هذا القانون. وهناك اعتراف رسمي بذلك علي لسان زلماي خليل زاده حينما كان سفيرا لواشنطن في العراق. زلماي أراد أن يكون هذا القانون آخر عمل يقوم به في العراق. وبالفعل توجه الي أربيل وعقد اجتماعا هناك ثم مؤتمرا صحفيا أعلن فيه الأكراد مصادقتهم علي مسودة الدستور. ثم وزير الدفاع الامريكي الحالي زار بغداد مؤخرا واعلن منها أن النقطتين الأساسيتين اللتين تقولان بأن علي حكومة العراق السعي لتثبيت الأمن والثانية إصدار قانون النفط.
والاساس هو إعادة الحياة و الحالة الأمنية في العراق الي طبيعتها ومن ثم الحديث عن الصناعة النفطية. ثم جاء الخلاف مع الجانب الكردي وهو خلاف يعود الي الدستور الذي تم اعداده في عجالة. الدستور به ثلاث فقرات تتعلق بالنفط والغاز. تثبت أولا ملكية النفط للشعب العراقي كله. لكن صدر تفسير من الجانب الكردي المقصود به ان النفط الموجود في المنطقة المعينة هو ملك للساكنين في المنطقة. والمقصود هو ملكية النفط للشعب العراقي ككل. لكن الحكومة في كردستان أعدت قانونا بعجالة بغرض جذب الاستثمارات والتطوير وأخذوا لنفسهم الصلاحية المطلقة من الألف للياء فيما يتعلق بعملية الاستكشاف والحفر والتطوير والانتاج وقاموا بتوقيع عدد من العقود. وأول عقد وقعوه ليس بعد الاحتلال وإنما قبل الاحتلال ، فوقعوا عقدا مع شركة صغيرة تركية ثم وقعوا بعدها لعقود بغرض تطوير بعض التراكيب والحقول في المنطقة. كان الهدف من ذلك أن يكونوا أي الاكراد هم أصحاب الكلمة النهائية في كل مايتعلق بالنفط.
وعلي ذلك وباعتبار التحركات في اتجاه التقسيم من قبل اصحاب الافكار الفيدرالية ويعني ذلك أن تكون كردستان صاحب الحق في تملك وتطوير النفط بكردستان والاقليم الثاني ستكون له نفس الحقوق الخ.. الدستور العراقي في هذا الصدد غريب من نوعه فالحكومة المركزية تقريبا بلا صلاحيات ولاسلطات لها. واذا حدث خلاف بين الحكومة المركزية وبين حكومات الاقاليم في أي قضية نفط او غيره عندها يعود القرار النهائي للإقليم. إذن هذه وصفة أصبحت جاهزة لتقسيم العراق من خلال توزيع الثروات بهذا الشكل. وزارة النفط أعدت قانوناً بديلاً يحتفظ لها بالحق في مركزية التخطيط والسياسة والادارة مع مساهمة من قبل الاقاليم والمحافظات وقامت بتقديمه الي مجلس النفط الاعلي للمناقشة.
الرأي البديل يقول بأن تتمتع شركة النفط الوطنية العراقية التي يتفق الجميع علي ضرورة إعادة تشكيلها ان تقوم بإدارة هذه الحقول جميعها. فمادام الهدف الاساسي الذي يتحدثون عنه هو تعظيم الايرادات المالية وجمعها في صندوق مركزي ويتم توزيعها وفقا للصيغة التي اتفقت عليها الحكومة المركزية والبرلمان ويعطون نسبة لهذا الاقليم وتلك المحافظة وغير ذلك. فلماذا يتم التنازع حول من قام بالتعاقد علي تطوير هذا الحقل او اكتشاف الحقل مادام بالنتيجة كل الايرادات ستصب في موقع واحد. وبالتالي من ناحية اقتصادية وفنية يجب أن يتم الاعتماد علي الاسس الفنية والاقتصادية في اختيار الحقول التي يتم تطويرها واسبقياتها بغض النظر عن الموقع في الشمال أو الجنوب او الوسط.
النقطة الثانية تتعلق باسلوب التعاقد وبما ان هذه الحقول مكتشفة إذن لايوجد عامل مجازفة. ولماذا أقوم بجلب شريك معي ، ويمكنني ان أجلب شريكاً لكن ليس بصيغة الاستحواذ وإنما بموجب عقود خدمات. لكن هناك اصرارا علي اعتماد أن أحد الأساليب هو عقود المشاركة. نعم لايوجد في القانون مايشير الي أن التطوير كله من خلال عقود المشاركة ولكنه ترك الباب مفتوحا.
والنقطة الثالثة سحب الصلاحية كاملة من مجلس النواب الذي ينتهي دوره بالمصادقة علي القانون ويعطي صلاحيته كاملة للحكومة التي تعطي صلاحيتها كاملة لمايطلق عليه المجلس الاتحادي للنفط والغاز والذي يشكل وفقا للمحاصصة الطائفية. يعني تكريسا لمفاهيم المحاصصة.
لكل هذه الاسباب ينادي خبراء النفط العراقيون وغالبيتهم من الموجودين بالخارج الي الدعوة اولا الي تأجيل القانون ، وثانيا الي تعديل الدستور الذي يفترض ان يتم خلال الفترة القليلة القادمة ومن ثم تتم إعادة النظر في اصدار قانون للنفط وفق مفاهيم جديدة تضمن تطوير صناعة النفط بصورة مثلي تحقق أعلي الموارد للشعب العراقي وتحافظ علي وحدته.
بعض المسئولين العراقيين من وقت لآخر يوجهون الدعوة للجهات الخارجية للاستثمار في النفط بالعراق هل تتوفر الشروط الموضوعية لمثل هذه المناشدات ؟
- اولا يجب ان توفر الظروف الملائمة لغرض قيام الجهات الاستشارية والاجنبية لكي تقوم بمساعدتك. ماذا ستفعل طالما وضعك الأمني كما هو الحال عليه الان. عندما يقتل يوميا 200 الي 300 شخص وعندما لايكون هناك امان في أي من الطرقات كيف نتحدث عن جذب للجهات الاجنبية. اعتقد أن المفتاح يبقي ويكون إعادة الموازنة من خلال العملية السياسية والمصالحة وإعادة بناء الدولة وفق الأسس السليمة الصحيحة ، واذا توفر الأمن عندها يمكن المباشرة بعمليات تطوير الصناعة النفطية ومضاعفة طاقاتها.. وهنا تتوفر الكثير من الصيغ والبدائل. ولاخيار للعراق غير المصالحة ، والنفط سيكون عاملا مساعدا لإعادة بناء العراق. ولن يفيد العراق أي دعم خارجي أو مساعدات او قروض او منح، فهذه لن تشكل سوي الشيء البسيط. لو استطاع العراق ان يقوم بإعادة طاقته الي ثلاثة ملايين برميل كما كانت عليه قبل الاحتلال وهذه توفر للعراق 50 الي 60 مليار دولار. ماهي المساعدات التي تنتظر من الخارج 800 مليون أو مليار دولار.. وفي مرحلة لاحقة إذا ما أصبحت طاقة العراق 6 ملايين برميل يوميا كما هو مخطط له من قبل معني ذلك أن إيرادات النفط العراقية ستصل الي اكثر من مئة مليار دولار. إذن المال موجود وربما تحتاج الي فترة قصيرة لما نسميه بتجسير مالي حتي تستطيع إعادة الامور الي طبيعتها.