مواطنون وخبراء اقتصاديون: رفع دعم الدولة عن البطاقة التموينية يعد كارثة وخرقا لحقوق العراقيين
اثارت تصريحات وزير التجارة خلال استضافته امام مجلس النواب ، حمى الاسعار في سوق الجملة، وبدأ التجار باحتكار المواد التي خرجت من البطاقة التموينية ، وشهدت اسواق الجملة للمواد الغذائية في بغداد ارتفاعا ملحوظا في اسعارها بعد تضارب التصريحات المتعلقة بالبطاقة التموينية، فيما اتهم عدد من المواطنين وزارة التجارة بالتقصير والتردي والاهمال في اداء عملها جراء الفساد الاداري الكبير المستشري في دوائرها وبين موظفيها ووصفوا في احاديث ل(الملف برس) التصريحات الاخيرة لوزير التجارة الخاصة بتقليص مفردات البطاقة التموينية بانها دليل عجز وفشل المسؤولين فيها 0.
وقرر رئيس الوزراء ،نوري كامل المالكي، تكليف لجنة خاصة لتعويض المواطنين بمبالغ الحصص التموينية غير المجهزة، جاء ذلك خلال ترؤسه جلسة مجلس الوزراء الإعتيادية التاسعة والأربعين بتأريخ 4/12/2007 وقال المركز الوطني للاعلام اليوم ، بان المالكي اوعز للجنة المشكلة بإعداد تقرير مفصل عن آليات التوزيع مع تحديد المستحقين للتعويضات من المواطنين، وتقديمه إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء بالسرعة الممكنة، لإتخاذ مايلزم بشأن الموضوع والمباشرة بعملية تقديم التعويضات.
لكن هذه الحلول الانية لا تقدم الحل المطلوب من وجهة الكثير من العراقيين ، وعبر المواطن سالم عبد الرزاق عن استيائه من عدم قدرة وزارة التجارة على توفير مفردات الحصة التموينية متذرعة بشتى الاسباب وقال ان من اهم الحقوق التي يجب ان يحصل عليها المواطن العراقي هو توفير أمنه الغذائي وقوت عائلته وبالشكل الذي يحافظ على كرامته و لايرهق كاهله
وابدى استغرابه من التناقض الكبير في تصريحات وزير التجارة خلال فترات متقاربة بعد ان كان يؤكد على ضرورة دعم البطاقة التموينية بنوعيات جيدة بينما اليوم يشير الى حذف خمس مواد منها اضافة الى تقليل كمياتها وهذا مايؤكد على الفوضى وعدم التخطيط اضافة الى الاستهزاء بعقلية المواطن العراقي الذي بات خاضعا وذليلا وكأنه يستجدي الرعاية من الدولة
وقالت السيدة ام رواء(موظفة) ان قرار تقليص مفردات الحصة التموينية سيزيد من معاناتنا التي لاتحتاج الى من يعمقها خاصة وان الغلاء اصبح السمة الواضحة في اسواقنا بشتى انواعها واختصاصاتها يرافقها محدودية الرواتب اضافة الى البطالة التي مازالت تحتل المكانة المتقدمة بين هموم شبابنا وابنائنا
واوضحت انها تعيل عائلتها المكونة من ستة افراد بعد ان فقدت زوجها في اعمال العنف وتخشى اذا ماتم الغاء الحصة التموينية ،تدبر متطلبات البيت وراتبها الذي بالكاد يكفي احتياجات اولادها .
تشاطرها الحديث الموظفة ايمان عبد الحميد فتقول: ان مجرد طرح فكرة الغاء البطاقة التموينية يعد أمرا مرعبا للعائلة العراقية التي تعتمد اعتمادا كليا على فقراتها من المواد الغذائية الاساسية واذا ما قررت وزارة التجارة تنفيذ ذلك فان واقع الحال يشير الى كارثة التدهور المستمر في نظام توزيع مواد البطاقة التموينية والذي اكد فشلا غير مسبوق لما يسمى بوزارة التجارة في تامين احتياجات المواطن ورداءة نوعيات المواد الموزعة وعدم انتظام استلامها.
واكدت ان طبقة الموظفين وذوي الدخول المحدودة سيكونون اكثر الضحايا تأثرا بقرار الغاء البطاقة التموينية او تقليل موادها لأن رواتبهم لم تعد توازي ارتفاع الاسعار في الاسواق المحلية .
واجمع السادة اياد نوزت وكريم عبدالزهرة وعمار جليل على ان قرار وزارة التجارة بتخفيض مواد البطاقة التموينية من عشرة الى خمسة مواد يعد قرارا غير صائب ولايمكن ان يصب في مصلحة المواطن العراقي المبتلى بتوفير لقمة العيش في ظرف بالغ الصعوبة اثر غلاء المعيشة واجور السكن واحتياجات المدارس وتوفير الوقود في ظل بطالة متفشية مازالت تضرب اطنابها في المجتمع
بينما يرى السيد امجد الخفاجي ان الغاء البطاقة والتعويض بدلا عنها بمبالغ نقدية يعد أمرا مقبولا على ان تسهم الدولة بدورها في السيطرة على استقرار اسعار المعروض من المواد الاساسية في الاسواق المحلية .
ويضيف على الرغم من اعتمادنا بشكل كلي على مواد البطاقة التموينية الا اننا في اغلب الاحيان نلجأ الى الاسواق لسد النقص الحاصل فيها خاصة واننا منذ فترة طويلة افتقدنا للتوزيع المنتظم من قبل وكلاء المواد الغذائية والطحين الذين يعانون كذلك من عدم انتظام وصول المواد اليهم وهذا مايجعلني افضل الحصول على مبالغ تعويضية عن الحصة التموينية.
من جانبه ذكر الخبير ماجد العبيدي إن العراقيين ينتظرون من حكومة المالكي القيام بحزمة من الإجراءات السياسية الاقتصادية والاجتماعية لتخفيف الأعباء الثقيلة عن كاهل الطبقات الاجتماعية المسحوقة التي تشكل البطالة في أوساطها اكثر من 57% , في الوقت الذي يتعاضم فيه نفوذ صندوق النقد الدولي أكثر فأكثر , ويزداد تدخله المباشر في رسم السياسية الاقتصادية العراقية الجديدة التي بانت بعض ملامحها من خلال المناقشات التي دارت في أروقة مجلس النواب العراقي ,حول ميزانية 2007 , والقوانين الأخرى التي يزعم البت بها ومناقشتها , والمتعلقة في قوانين الاستثمارالاجنبي وتسريع الخصخصة ,وقانون الاستثمار النفطي , التي تشكل بمجملها بالإضافة إلى القوانين والاجراءت الاقتصادية السابقة , السبب الرئيسي للارتفاع في معدلات التضخم الاقتصادي .
واكد إن التشريعات الاقتصادية التي يجري دراستها والمصادقة عليها بعجالة مبالغ فيها ,هي التي ساهمت في توجيه ضربة قوية للصناعات الوطنية والمشاريع الاقتصادية , وشجعت الفوضى الاقتصادية العارمة وضاعفت من النشاطات الطفيلية على حساب القطاعات الشعبية والواسعة التي تعاني الفقر والعوز المادي
وقال ان هذه الأوضاع وما سوف يحدث في المستقبل القريب من تطورات جديدة تتعلق في رفع الدعم عن المحروقات والإلغاء الجزئي للبطاقة التموينية( تقليص محتويات البطاقة التموينية ), وتعويم العملة وفتح الأبواب على مصراعيها للاستثمارات الأجنبية والاحتكارات الوحشية, وغيرها من الإشكالات المتعلقة في توزيع الثروات وتنظيم علاقات الحكومة المركزية بالإطراف بصورة عادلة , هو ما ينشده العراقيين وهو الأساس لنجاح العملية السياسية التي تشكل الخطة الأمنية جزء منها , هذا ما يعول عليه العراقيين وسوف لا يبخلون جهدا لتحقيقه من اجل استعادة حريتهم واستقلالهم وسيادتهم وسيطرتهم على ثرواتهم الاجتماعية والطبيعية واستثمارها بشكل عادل من قبل جميع العراقيين .
وحول رأيها كخبيرة اقتصادية اكدت الدكتورة منى الموسوي مدير عام مركز بحوث السوق وحماية المستهلك على اهمية دعم الدولة خلال الظرف الحالي وبشكل خاص للمواد الاساسية اما عن بقية مواد البطاقة فبامكانها توفيرها باسعار مدعومة او اعطاء مبالغ بدلا عنها
وذكرت الموسوي ان هناك تفكيرا جديا بالغاء البطاقة التموينية من خلال ماتم الاطلاع عليه من دراسات وبحوث اعدها عدد من المختصين لتحويل مفردات البطاقة من التوزيع العيني الى النقدي. وهذا يتزامن مع تصريحات المسؤولين والتي كان اخرها تطمينات وزير المالية بان البطاقة التموينية ستبقى سارية المفعول حتى الستة اشهر المقبلة .
شؤون سياسية - 10/12/2007