عصام الجلبي عقود مجحفة و يجب أيقافها
فبعد أن سارع اقليم كردستان بتوقيع 22 عقدا غالبيتها خلال فترة أسابع قليلة من العام الماضي وبدون أي دور للحكومة المركزية بل وحتى لبرلمان الأقليم ( بحجة أن قانون الأقليم للنفط أعطى الصلاحية المطلقة لحكومة الأقليم)..
. بعد ذلك باشرت وزارة النفط العراقية تنفيذ خططها وبشكل متسارع من أجل التعاقد مع الشركات الأجنبية لا تقتصر فقط على الحقول المكتشفة وغير المطورة بل أنهاوضعت في أولوياتها حقول النفط المنتجة العملاقة والتى بقيت مستمرة بالأنتاج على مدى عشرات السنين ولا زالت تحتوي على الجزء الأعظم من الأحتياطيات النفطية.. وتتسابق الشركات الأجنبية وعلى رأسها كبرى الشركات العالمية التي تم تأميم عملياتها في العراق خلال الفترة 1972 – 1975 من اجل اعادة سيطرتها على الجزء الأكبر منها.
وتنفذ الوزارة خططها بالأعتماد على القوانين السائدة والتي صدرت منذ ستينات القرن الماضي وبدأ من القانون 80 لعام 1961 الا أنها تتغافل عن قاعدة اساسية حيث حصرت مجموعة القوانين تلك بوزارة النفط وشركة النفط الوطنية مسوؤلية استثمار وتطوير النفط والغاز بشكل مباشر وفي حالة الحاجة لشراكة الأجنبي ( أي أن الأستثناء هو باللجوء الى الشركات الأجنبية) فلا تتم الا بعد الرجوع الى السلطة التشريعية واصدار قانون خاص لكل حالة وكما تم في مطلع عام 1968 عند التوقيع على عقود الخدمة مع شركة الف-ايراب الفرنسية ثم لاحقا مع شركة براسبترو البرازيلية والتي الغيت جميعها أواخر السبعينات واقتصرت عمليات تطوير الحقول على اسلوب التنفيذ المباشر من قبل شركة النفط الوطنية وبقية مؤسسات وزارة النفط.. وهو ما لم تقم به الوزارة لحد الأن لأي من الأتفاقات التي أبرمتها خلال الأسابيع المنصرمة.
وفي أدناه بعض الملاحضات والتفاصيل حول ما أبرمته الوزارة مؤخرا من اتفاقيات وما تنوي القيام به خلال الأسابيع القادمة:
حقل الأحدب:
ويقع في محافظة واسط حيث تم في مطلع شهر أيلول الجاري الأتفاق مع شركة صينية ومن خلال تعديل العقد الذي ابرم معها عام 1997 بعد عرضه على المجلس الوطني ثم تشريعه بقانون خاص.
يقدر الأحتياطي النفطي بأكثر من مليار برميل ويمكن أن تصل الطاقة الأنتاجية الى 125000 برميل يوميا وتحصل الشركة الصينية الى ما يصل الى ستة دولارات صافية عدا عن استرجاع الشركة لكامل التكاليف والأستثمارات ومن خلال عقد خدمة لمدة 20 سنة قابلة للزيادة وقد صادق مجلس الوزراء على العقد حتى بدون الأطلاع عليه بالكامل كما ولم يعرض بعد على مجلس النواب.
يجب أن يتم نشر تفاصيل هذا العقد بما في ذلك طرق احتساب التكاليف والأرباح وادارة عمليات التشغيل والتطوير ودور الكادر العراقي قبل اعطاء الحكم النهائي على الصيغة التعاقدية
عقد (التنازل) عن نصف الغاز في الجنوب الى شركة شل البريطانية الهولندية
تم التوقيع قبل أيام على اتفاقية مبادىء يتم بموجبها منح شركة شل 49% من حقوق استثمار الغاز المصاحب المنتج من الحقول الجنوبية والذي يقدر حاليا ب 700 مليون قدم مكعب يوميا ويمكن أن تتضاعف في حالة تطوير انتاج الحقول. وتم ذلك من دون أي مناقصة بل من خلال تفاوض مباشر مع شل.
ما يطرحه بعض المسوؤلين يبدو وكأنه عملية انقاذ لوقف حرق الغاز وذلك كمن نطق كفرا بقوله ( ولا تقربوا الصلاة) وأقول ما يلي حول ما تم القيام به قبل الغزو الأمريكي في مجال استثمار الغاز علما أن الشركات الأحتكارية خلال تواجدها السابق في العراق لحوالي 50 عاما امتنعت عن القيام بأي مشروع لأستثماره ولحين بدء الدور الوطني بالنهوض تدريجيا بمسوؤلياته وبشكل خاص منذ منتصف الستينات.
في الستينات تم تنفيذ مشروع معمل استخلاص الكبريت ثم مد خطوط انابيب الغاز لمصنع التاجي للغازات النفطية في الكاظمية شمال بغداد ومن ثم تم ايصال الغاز الى اكبر عشر مصانع في منطقة بغداد. ولا زال معمل التاجي وانابيب نقل الغاز كركوك – التاجي عاملة ليومنا هذا.
وتم في منتصف السبعينات تنفيذ مشروع المرحلة الأولى من غاز الجنوب ويشكل مستعجل لغرض جمع غاز المرحلة الأولى من الغاز المصاحب وتجهيزه الى معمل لأنتاج الغاز السائل تم انشاءه في الزبير ومن ثم ايصال الغاز لعدد من المشاريع الصناعية( الأسمدة والورق والبتروكيمياويات والحديد وغيرها) وعدد من محطات الكهرباء مثل النجيبية والناصرية وغيرها ضمن انبوب لنقل الغاز مواز للخط الستراتيجي الممتد من الرميلة الى حديثة.
وفي نفس الوقت بوشر باعداد دراسات ومناقصات تنفيذ مشروع غاز الجنوب العملاق والذي نفذته شركة المشاريع النفطية العراقية باسلوب تجزئة المقاولات بلغت اكثر من عشرين مقاولة وتولت تنفيذ أجزاء منه باسلوب التنفيذ المباشر. بوشر بالتنفيذ منذ 1979 ( وفق قانون خاص لتنفيذ المشاريع الكبرى الثلاث وهي مصفى الشمال وغاز الشمال وغاز الحنوب وبعد نجاح تجربة تنفيذ الخط الستراتيجي والميناء العميق) ولكن التنفيذ تعرقل بسبب ظروف الحرب مع ايران وبالرغم من تلك الظروف فقد انجز المشروع بالكامل اواخر الثمانينات وتضمن جمع كافة الغازات ومن المراحل الأربعة ( المصاحبة لأنتاج أكثر من 3 مليون برميل يوميا من النفط في الحقول الجنوبية ) ومحطات كبس الغاز والأنتاج ( من خلال مصنعين ضخمين في الزبير وشمال الرميلة ) لتصنيع حوالي 4.4 مليون طن سنويا من البروبان والبيوتان والغازولين الطبيعي ونقلها وتجميعها في خزانات عملاقة في خور الزبير مع ميناء خاص للتصدير يقع على خور الزبير أيضا. وبلغت الكلفة الأجمالية حوالي 2 مليار دولار في ذلك الوقت تحملها وسددها العراق بالكامل. وتضمن المشروع تجهيز مصانع البتروكيمياويات والحديد والأسمدة والألمنيوم والسمنت وغيرها وجميع محطات الكهرباء بالغازفي مناطق كبيرة من العراق.
وقد تم تشغيل المشروع على مراحل وبالكامل وصولا الى تموز 1990 عندما بوشر بتحميل أول ناقلة أجنبية للتصدير ولكنها توقفت وغادرت على عجالة فور غزو العراق للكويت في 2/8/1990.
وبذلك- وبالأشتراك مع غاز الشمال في كركوك- أصبح لدى العراق القدرة على استثمار حوالي 95% من جميع الغازات المصاحبة مع الأشارة الى أنه بالأضافة لما تقدم فان قد تم بناء الاف الكيلومترات من انابيب نقل الغاز الطبيعي والغاز السائل ممتدة من أقصى الجنوب ولغاية منطقة الموصل لترتبط بغالبية المشاريع الصناعية ومحطات التوليد الكهربائية والتي لا مثيل لها ولحد يومنا هذا في منطقة الشرق الأوسط ( بالأضافة الى أنابيب نقل المنتجات النفطية من الشمال الى الجنوب ) علما بأن كان قد اتخذ قرار تم تنفيذه منذ عام 1973 بأن لا يتم انشاء أي محطة لتوليد الكهرباء الا بعد توفير وضمان تشغيلها بثلاث أنواع من الوقود أولها الغاز الطبيعي.
بعد هذا كله تقوم اليوم وزارة النفط بدعوة شركة شل لتقاسمها ثروتها الغازية والتي من المتوقع أن تصل ايراداته خلال فترة الأتفاقية التي هي 20 عاما قابلة للزيادة لمئات المليارات من الدولارات.
ما يطرحه الأن بعض المسوؤلين هو تبرير العقد لأيقاف حرق الغاز ولكن لماذا لا يحاسبون أولا على عدم اعادة تأهيل وتصليح (أو استبدال كابسات الغاز) التي تضررت خلال حروب 1991 و2003 وما بينهما من حصار خلال هذه السنوات الخمسة ؟؟؟ ولماذا لا يتم الكشف عن الدراسات التي أعدتها أجهزة الوزارة منذ 2004 لأعادة التأهيل؟ ألم يدرج ضمن قائمة المشاريع التي اتفق عليها في منتصف عام 2004مع الشركة الأمريكية كي.بي.أر ؟ ألم تتولى مجموعة من الشركات اليابانية اعداد دراسات تفصيلية ضمن المنحة اليابانية وقدمت للوزارة عام 2007 لغرض اعادة التأهيل بكلفة حوالي 160 مليون دولار في حينه لأستبدال كابسات الغاز المهملة؟
ثم حتى ولو فرضنا جدلا بوجود الحاجة لشريك أجنبي فلماذا شركة شل ؟ لماذا لم تستدعى شركات متخصصة اخرى أيا كانت جنسياتها لتقديم عروض منافسة؟ هل أصبح العرف الجاري في العراق الجديد هو الشراء المباشر والتعاقد المباشر بدون مناقصات لا لمشاريع صغيرة فحسب بل لمشاريع وعقود عملاقة؟ لا عجب اذن أن يبقى العراق ومنذ 2004 في المرتبة 178 من بين 180 دولة من حيث استشراء الفساد وفق تقارير منظمة الشفافية الدولية وباعتراف الحلفاء قبل المعارضين ؟ مع التذكير بأن المنظمة المذكورة أصدرت تقريرها السنوي الأخير قبل بضعة أيام ! أين هي الشفافية في العمل ؟
الأمل معقود على الغيارى من أبناء العراق أيا كان موقعهم لمنع اتمام هذه الصفقة حيث لا زال المجال موجودا لأن العقد النهائي قد يستغرق اعداده عدة أشهر. ومرة اخرى لا يمكن لعقد بهذا الحجم أن يمرر دون المرور من خلال التدوين القانوني ومجلس شورى الدولة وصولا الى مجلس النواب واستصدار قانون خاص به كما هو مقتضى الحال لأي عقد لحقل نفطي وغازي مع جهة أجنبية.
الدورة الأولى من عقود التراخيص :
قامت وزارة النفط في مطلع عام 2008 بتأهيل 35 شركة نفط أجنبية لدعوتها في مناقصات تطوير حقول النفط والغاز
وقامت في ذات الوقت بدعوة ستة من كبرى شركات النفط العالمية وبدون تنافس بالتفاوض مع كل واحدة لتقديم خدمات الأسناد الفنية للجقول العملاقة لفترة سنتين قلصت لاحقا لسنة واحدة في حين أن المنطق كان يستدعي قيام الوزارة بدعوت الشركات الفنية المتخصصة في مجالات الحفر واستحصال الأبار وعمليات خدمات الأبار والحقول لتقديم خدماتها بشكل مباشر وهي ذات الجهات الي كانت ستستعين بها شركات النفط العالمية لو تولت العمل وجوبهت هذه الخطة بمعارضة شديدة حتى من داخل الكونغرس الأمريكي لأنعدام التنافس والشفافية ورغم استنزاف أشهر للمفاوضات فقد تقرر الغاء هذه الخطة والتركيز على العقود طويلة الأمد.
وركزت الوزارة بعدها على عقود الترخيص الأولى وعلى أساس دعوة الشركات ال 35 للتنافس لتقديم عروض خدمة ولكن المصيبة بل الفاجعة غير المتوقعة هو حصر هذه الجولة بستة من حقول النفط العراقية العملاقة ذات الأنتاج الغزير وحقلين غازيين ولكي تتولى هذه الشركات مسوؤلية الأدارة والتشغيل ( ظاهريا من خلال شركات مشتركة تؤسس مع شركتي تفط الجنوب ونفط الشمال) ولمدة عشرين عاما قابلة للتمديد ومن المتوقع جدا بحكم العلاقة السائدة منذ سنوات أربع وما قامت به الشركات من دراسات وعلاقات من خلال مذكرات تفاهم وما شابه أن تكون شركات النفط العملاقة والتي اممت سابقا من الفوز بهذه العقود وللعمل في نفس الحقول التي اخرجت منها في 1972-1975.
تشمل الدورة الأولى للتراخيص:
حقل الرميلة الشمالي والجنوبي
حقل الزبير
حقل غرب ا لقرنة (المرحلة الأولى)
حقول ميسان ( البزركان وفكة وأبو غرب)
حقل كركوك
حقل باي حسن
وجميع الحقول أعلاه منتجة لغالبية الأنتاج العراقي الحالي
حقل المنصورية الغازي في ديالى ( مكتشف وغير مطور)
حقل عكاز الغازي في الأنبار ( مكتشف وغير مطور)
وسيتم في 13 تشرين الأول القادم عقد اللقاء الموسع بين ممثلي الوزارة ( والشركة الأستشارية البريطانية) في لندن لتسليم وثائق المناقصة وتأمل الوزارة توقيع العقود في منتصف عام 2009
الدورة الثانية من عقود التراخيص:
تناقلت الأخبارمؤخرا ونقلا عن مصادر في وزارة النفط بضمنها مقابلة وزير النفط مع قناة الجزيرة (26 أيلول) عن نيته الأعلان في لندن الشهر القادم عن الدورة الثانية للتراخيص وعلى أساس المباشرة بها في كانون أول القادم . كما وأكد الوزيرالشهرستاني نفسه وجود مرحلة ثالثة بداية عام 2009
الا أن الأهم هو ما تسرب عن الحقول التي ستشملها المرحلة الثانية وهي ما تبقى من الحقول النفطية الكبيرة المكتشفة ( قسم منها قيد الأنتاج الجزئي) وغالبيتها تقع ضمن الملحق الأول لمسودة قانون النفط والغاز والتي يتفق الجميع على أن تتولاها حصرا شركة النفط الوطنية العراقية والي تصر الوزارة لحد الأن على عدم تقديم مشروع اعادة تأسيسها والذي سيمثل في الحقيقة اعادة شركتي نفط الشمال ونفط الجنوب تحت مظلة شركة النفط الوطنية من جديد علما أنه يفترض ان كلا من الشركتين تعمل حاليا كشركة نفط وطنية وذلك بعد أن تم دمج مركز شركة النفط الوطنية بمركز الوزارة في قرار لمجلس قيادة الثورة المنحل في 26 نيسان 1987 مع الحفاظ على سير العمل بموجب كافة القوانين والأنظمة والتعليمات بما في ذلك الصلاحيات المالية والأدارية من قبل شركات نفط الجنوب والشمال والأستكشافات النفطية كما وأوكلت الى مجلس النفط صلاحيات مجلس ادارة شركة النفط الوطنية.. علما أن قرار الدمج كان قرارا سياسيا ولم ينبع المقترح من قبل الوزارة أو الشركة أنذاك بل كان استكمالا لنهج اعتمدته الدولة أنذاك بحجة تقليص هيكلية الوزارات والغاء الطبقات الأضافية ( وكانت تلك الخطط والمقترحات قد تمت باشراف د. خليل الشماع لعموم الدولة) ورغم اعتراضات الوزارة والشركة في حينه على التغيير وكان القطاع النفطي أخرمن تناولها التغيير وكان ذلك بأمر بأمر مباشر من صدام حسين في 6 نيسان 1987 خلال زيارة له لمقر وزارة النفط ..
وتشير الأنباء الأخيرة الى ان الحقول التالية ستشمل بالدورة الثانية للتراخيص:
حقل مجنون العملاق
حقل نهر بن عمر العملاق
حقل غرب القرنة العملاق (المرحلة الثانية)
حقل الحلفاية العملاق
حقل الناصرية العملاق
حقل القيارة العملاق
حقل شرق بغداد
حقل الغراف
حقل نور
حقل السندباد
حقل غرب الكفل
حقل بلد
حقول في ديالى
حقل الصبة
وتقدر احتياطيات الحقول أعلاه بأكثر من 40 مليار برميل ويمكن أن يصل انتاجها لحوالي 3 مليون برميل يوميا بالأضافة الى الأنتاج من الحقول المدرجة في الدورة الأولى والتي تصل كذلك ل 3 مليون برميل يوميا أيضا
أي أنه ومن خلال الدورتين الأولى والثانية للتراخيص فان حوالي 90% من الأحتياطي المثبت ستتولى ادارته شركات أجنبية ( لاحظ أن الأحتياطي المثبت ومنذ 1990 بلغ 115 مليا برميل من خلال الأستكشافات الي قامت بها شركة النفط الوطنية بالمقارنة مع 33 مليار برميل عند مرحلة التأميم ).
الدعوة موجهة للعراقيين جميعا لمواجهة تلك الخطط والمشاريع وايقاف التعاقدات والسعي الى اعادة العمل بالصيغ الوطنية السابقة واحياء الدور الوطني مع الأستعانة بالشركات الأجنبية الهندسية والمقاولة وشراء الخدمات بالأضافة الى الطاقات المحلية بما فيها الخبرات العراقية.
اترك لكم وعليكم مسوؤلية نشر هذه المعلمومات بالشكل الذي ترونه مناسبا والسعي لنشره عبر وسائل الأعلام المسموعة والمرئية والمقروءة وعبر شبكات الأنترنت وبشكل خاص ووسائل النشر العراقية منها والعربية
اللهم اشهد"اني قد بلغت
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عصــــام الجلبي
26-27 رمضان عام 1429 هجرية الموافق 26-27 أيلول 2008