ماذا حلّ بنا
نكاد لا نعرف ماذا حل بنا... وماذا جرى لشعوب الأمة الإسلامية وفي أحيانا أخرى نستطرد بتوتر ونقول ماذا حل بإسلامنا ولنا في ذلك حق بمقتضى قاعدة خوفنا عليه.............. حروب وفتن كبرى، قتل وتمثيل ودمار في كل مكان...لأتعرف متى ينفجر عليك شخصا يدعي انه مسلم ويعتقد انه المسلم الحقيقي وإيمانه ناصع الدقة ومستلهمه من أصفى عقيدة ..ولأتعلم متى تموت بسيارة مفخخة أو بإطلاق نار بدم بارد ويدعي انه مسلم وعليه قتل إخوانه المسلمين في حين إننا عرفنا الإسلام انه دين الحب والحياة والصدق والإيثار والقناعة والمنطق وعدم الإكراه... فبات علينا إن نتصور أن هناك حرب اسلامية_أسلامية مع فارق الرؤية في العقيدة الحقيقية المؤمنة الصادقة والعقيدة الفاسدة....حتى الغرب مشغول ألان بالاسلاموفوبيا جاء ذلك بسبب الشعور بأن الإسلام ينتج مجاميع موت شامل وانه دين رعب وخوف وكراهية وإنتاجه هذا دون أسباب ورجوع إلى معاييرالمصلحه والمنطق الإسلامي المتعارف عليها وكذلك بأن الإسلام لا يسمح بمشاركة الأقليات الدينية في الحياة السياسية بل يرفضها رفضا قاطعا .. وكثيرا ما يحاول أن يمحوها من الوجود مثل صدور فتوى في السودان (( وما أكثر الفتاوى المحيرة وغير المسئولة ))بتحريم انتخاب مرشح مسيحي لرئاسة السودان وكذلك بسبب((المجاهدين الأفغان )) اللذين يلقون حامض الكبريتيك المركز على وجوه البنات المحجبات وهن ذاهبات إلى المدارس لأنهن غير منقبات آو لان المدارس مفسدة يجب تجنبها ولو بالموت والتشويه وكذلك طرق الموت الجهنمية والذبح الهائلة في العراق وتدمير صفوت وامن العراق على رؤوس أهله بإذكاء نار الفتنه ومحاولة تحويلها من سياسية محدودة إلى مشكلة عامة تدمر ركائز المجتمع العراقي برمته والسير بالبلد من موطن الإبداع والإنتاج والمحبة إلى بلد الخوف والتخلف والاستعباد وكذلك جرائم كبيره لأتقل فظاعة عما ذكر في الجزائر ومصر واليمن واندونيسيا ودول أخرى في حين إن الموروثات الأسلامية المسطرة في كتب التاريخ كلها تدعو إلى المحبة وتؤشر بصورة لألبس بها إنسانية الإسلام وطرق معالجته للإحداث المركبة والمختلفة التي حدثت آنذاك وأصبحت معايير عمل فيما بعد فمثلا الأقليات الدينية في العصر الإسلامي مازال اليهود يشهدون ويقرون إن أجمل وأزهى أوقاتهم كانت في الأزمنة الإسلامية فقد صاروا وزراء ومستشارين وأطباء وتجار كبار..كما إنّ دور العبادة الخاصة بالأقليات كانت عامرة ومزدهرة إذا إن هذا الانقلاب في سلوك بعض المسلمين يؤشر لخلل ما في طرفي المعادلة ولابد من الاشاره هنا بأنه أذا جاز لنا وصف المعادلة بطرفين لان مثل هذا الوصف به قسوة غير مقصودة على الطرف الأكثر رجحانا وأعمق فكرا واشد استدلال بالحكمة والموعظة الحسنة والأكثر اتصالا بواقع الناس ومصالحهم في الدنيا والآخرة على حد سواء ولديه مفاهيم الإدراك الفكري والاستنباط الديني متسقة بشكل علمي واضح ورصين....إذا فأن الأغلبية الساحقة من المسلمين تدرك تماما أي طرف الموبؤ بالاختلال والموت وان الخلل يسكن بين ثنايا فكره المحنط والذي استمد بعض أفكاره من رجال جانبوا الفكر الإسلامي واستمدوا استنباطهم للفقه الإسلامي بحرفية العين الواحدة والتي تشبه في بعض جوانبها استنباطات اليهود المتطرفين وكما يبدو فأن الشطط الفكري الذي أصاب (تفكيرهم العقائدي) جعلهم منغلقين بشكل تام مما جعل بينهم وبين العقل فجوة كبيره لا يمكن ردمها أو جعل مقاربات ذات نمط عقلي واضح تردم تلك الفجوة وبات الأمر مشحون بالخوف والشك وفي أحسن الأحوال بالتردد من طبيعة الدعوة التي يدعون لها ويزعمون إتمامها حتى أمسى الأمر وكأنه دار جامعة للجهلة وأسافل الأميين والشاذين فكريا ما إن يدخل احدهم تلك الجامعة حتى يتخرج منها حامل شهادة عديم الإنسانية وغليظ القلب وحافظا لآيات القصاص ويؤولها مثل ما يريد ويشتهي.. وكأنه حصل على فرمان الحق باستباحة دماء وأموال المسلمين وقتل الأطفال والنساء والشيوخ وهدم دورهم واقتلاع أشجارهم ولم يكتفوا بالابتعاد عن العقل كما اشرنا سلفا...بل تراهم يبتعدون بمسافات هائلة عن حركة الواقع الذي تعيشه الأمة الإسلامية ويحاولون لوي عنقه وإخضاع مساراته التلقائية والطبيعية إلى مفاهيم التخلف والجهل وإعاقة التقدم وربطه بمسار العودة إلى الخلف بأبشع صوره ومرتهن باليات غاية في البؤس والتخلف والخوف....
إن الماضي لم يصل لنا بشكل واضح ودقيق فاختلف الرواة وكتاب السير اختلافا يصل أحيانا إلى حد التقاطع الكبير كما إن الأحاديث النبوية فيها ماهو متفق عليه وبها ماهو مختلف عليها ومرد هذا إلى الرجال الناقلين إلى تلك الأحاديث (علم الرجال ) والى تفرعات تختص بالزمان والمكان والتدليس والأحادي والمتواتر وما إلى ذلك... كما أن كتاب الله تبارك وتعالى فيه المحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ والظاهر والباطن وهو بكل الأحوال حمال أوجه وكل هذا يمنح الإسلام منعة وقوة ويجعل له ميزة الاستطاعة والقدرة أن يكون لكل زمان ومكان بعد أن اتفق المسلمون جميعا على الثوابت الحاكمة التي لايجوز الخروج عليها...وأيضا هذا دليل واضح بعدم استفراد ملة ومجموعة بتفسيرهم الخاص وفرضه على باقي المسلمين لاسيما وهم متفقون على الثوابت............ من المؤكد هنالك رجال دين ومرجعيات دينية وفكرية من الذين يؤمنون بالإسلام وفق الرؤية المعتدلة والوسطية .....كذلك المناهج الدراسية الرصينة التي يمكن أن تعد وفق الرؤية العامة لأغلبية المسلمين وتثبيت الفلسفة الإسلامية المؤطرة بالنهج الإنساني.... وللإعلام والصحافة ووسائل أخرى دور مهم في توعية الناس وإدراكهم قبل السقوط في منزلق البغضاء والتخلف الرهيب.
Jwaad_alshlal@yahoo.com
الأثنين 16 شوال 1430 هـ
5 تشرين الأول 2009 م>