أنهم يغردون خارج السرب
على هامش بيان الاحزاب الشيوعية العربية في المشرق العربي
د. محمد جواد فارس*
طلع علينا بيان موقّعّ من بعض الاحزاب الشيوعية العربية عن اجتماع لها جرى في العاصمة دمشق في شهر تموز ، هذا البيان ومن خلال القراءة الاولى له يجد القارئ بان الاجتماع كان مكرسا للحاق بركب بعض القوى التي شاركت في دعم مقاومة الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة ، والمضحك المبكي هنا ان حزب الشعب الفلسطيني- أحد أقدم الاحزاب الشيوعية في المنطقة- والمتخلي عن اسمه القديم الحزب الشيوعي الفلسطيني في الهزة التي نجم عنها الخراب الذي اصاب الاتحاد السوفيتي والمنظومة الاشتراكية وبدءا من يطلقون على انفسهم مفكريين ومنظريين شاركوا ولي النعمة فخري كريم زنكنة المعروف في مواقفه الحالية من شعبه بعد الاحتلال الجائر للعراق وموقفه السابق في تفتيت وحدةالحركة الشيوعية العربية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والتأثير المباشر على موقف الحزب الان في دعمه للاحتلال ومشاركته في مجلس حكم بول بريمرمتمثلا بسكرتير الحزب حميد مجيد موسى والذي رضي على نفسه ان يكون مكملا للمحاصصة الطائفية النتنة عن مجموعة الشيعة كما ورد في مذكرات بول بريمر: (عام قضيته في العراق) ، هذا الحزب حضر اجتماع الاربعة ونحن تابعنا البراءة من هذا الحزب من قبل ( الامين العام للحزب الشيوعي السوري ) في مقابلة مع سامي كليب حيث انكر العلاقة مع حزب موسى وهو مع مقاومة الشعب العراقي للاحتلال وكانه المتفضل بهذا التصريح ، هل تعرف يارفيق ان الاحتلال يأتي بالمقاومة وقد نصت الشرائع السماوية والفقهية بذلك وخير مثال المقاومات التي قادها الشيوعيون في اماكن متعددة من العالم وتجارب الشعوب في كوريا وفيتنام وايطاليا والاتحاد السوفيتي ودول اوربا الشرقية وغيرها واود ان اذكر الرفيق بانه حتى جورج بوش القاتل والامبريالي قال لوكان وطني محتلا لقاومت الاحتلال في الوقت الذي لم تذكروا في بيانكم ولو سطرا واحدا عن مقاومة شعب العراق وانتم تعرفون جيدا هذا الشعب الذي انتفض على المستعمر الانكليزي في ثورة عام 1920 في الفالة والمكوار وهي أبسط الاسلحة المستخدمة ضد مدافعهم ومن ينسى انتفاضات شعبنا ضد الانظمة الاستعمارية في انتفاضات 1948 ومعركة الجسر ضد معاهدة بورت سموث الجائرة والتي اشاد بها عميد الشيوعين العرب خالد الذكر خالد بكداش قائلا :لو لم تكن لكلنت هي المعجزة ، وانتفاضة 1952 ، وانتفاضة 1956 من اجل دعم الشقيقة مصر ضد العدوان الثلاثي عليها وثورة الرابع عشر من تموز المجيدة عام عام 1958 وكان لحزبنا الشيوعي العراقي دورا بارزا في قيادة الجماهير والحركة الوطنية لم يشوهه من يدعي الان انه يمثل حزب الشيوعيين والذي يقوده عضو مجلس حكم الحاكم الامريكي بول بريمر واعني به حميد مجيد موسى البياتي . وهنا اريد ان اذكّر من تنكر لمقاومة شعبنا العراقي ممثل الحزب الشيوعي اللبناني وانا شاهد عيان عندما كنت متطوعا باسم الحزب الشيوعي العراقي مع المقاومة الفلسطنية واعمل طبيبا في بيروت عام 1982 في مستشفى ميداني في المسيطبة انا ودكتور من الرفاق الاردنين صلاح عبد اللطيف حيث كنا متواجدين 24 ساعة في المشفى نأكل ونشرب مع جرحانا من المقاومة الفلسطنية ورفاق عرب ومنهم رفاقي في الحزب الشيوعي العراقي الذين كانوا جرحى في المشفى الذي اعمل فيه ومنهم ابوسلام والشهيد البطل ابونصير الذي استشهد في اليمن الديمقراطي ، وقد التقيت انذاك بعدد من الرفاق من الحزب الشيوعي اللبناني وهم في الصفوف الاولى لمقاومة الاحتلال ومن ينكر على الحزب انه كان المبادر الاساسي في تشكيل حركة المقاومة اللبنانية مع الفصائل الوطنية ، لا اعرف هل ان خالد حدادة يريد ان يستهين بشعبنا العراقي ولا يقربمقاومته الباسلة ويخلط الاوراق وكأنه لايشاهد الاالارهاب الذي هوصنيعة الاحتلال واعوانه للتشويش على المقاومة وانا اسألهم ونحن نوافق جدلا على رقم البنتاكون حول العدد الذي اعلنه لقتلاهم رغم انه في راينا رقم يقلل كثيرا من الرقم الصحيح – ترى من قتل هؤلاء ؟ وهناك العمليات التي تعترف بها قوات الاحتلال نفسها أم انه لا يريد الاتصديق حزب مجيد موسى بان :لا توجد مقاومة بل ارهاب يستهدف المدنين وهنا أتسائل هل ان مقاومة تريد تحرير الوطن من المحتل تستهدف حاضنتها الاساسية الاوهو شعبها فكيف يفسر ذلك هل هو الهروب الى الامام !أما حزب الشعب الفلسطيني فهو الان جزء من سلطة محمود عباس فقد تناسى تلك التضحيات التي قدمها الحزب الشيوعي الفلسطيني خلال تاريخة منذ تاسيسه ولحد تغير اسمه فهل بسام الصالحي ينكر على شعبه مقاومة الاحتلال الغاشم لبلده فلسطين حتى ينكر على شعب العراق مقاومته للاحتلال الغاشم لبلد الحضارات الاولى؟ هذا ونحن نتابع الكثير ممن تخلوا عن الماركسية في الهزة الاولى واصبحوا منظرين للعولمة ولعصر القطبية الواحد المتفردة وعليهم ان يواكبوا المسيرة التي جاء بها منظرو الامبريالية وان يتخلوا عن الماركسية واللينينية فطوبى لهم على هذه الهزيمة في الميدان المعد للصراع الطبقي والوطني ، ولو ان في فلسطين الان شيوعييون حقيقيون يعتزون بالنهج الماركسي كما في بلدان عربية اخرى ويطمحون الى توسيع جبهة النضال ضد الامبريالية البغيضة وضد الاضطهاد الطبقي ويعول عليهم في رفع راية الماركسية اللينينية والاممية البروليتارية خفاقة بالتعاون مع احزاب حركة التحرر الوطني العربية ضمن الجبهات الوطنية . انتقل للحزب الشيوعي الاردني والذي حصل على النصاب القانوني للاجازة بعد ان اتحد فصيلان منه احدهما كان يؤيد ويدعم مقاومة شعبنا العراقي للاحتلال الغاشم ، وبعد التوحيد هاهم الان في خندق حزب حميد مجيد موسى يسمون الاشياء بدون اسمائها الحقيقية ، خاصة وان الامين العام للحزب والذي ابتعد عن الماركسية اللينينة واخذ يدبلج المقالات في الصحافة الاردنية حول النظام الدولي الجديد في المجال الاقتصادي وكذلك العولمة ..هذه العولمة الذي يريدها هي عولمة متوحشة تبني نظامها على اجساد الطبقة العاملة وعلى حساب استقلال الشعوب ونهب ثرواتهم كما يحث الان في العراق من نهب للثروات النفطية والمعدنية .
كل ذلك يا استاذ منير وانت لا تريد ان تقتنع ان هناك مقاومة وهناك شيوعيين حقيقيين يدافعون عن الوطن كما تربوا على مبادئ حزب فهد وسلام عادل والعبلي والحيدري وكاظم الجاسم وجورج تلو وغيرهم من قوافل الشهداء ، وحتى شهدائنا الذين سقطوا برصاص حزب الطالباني والبارزاني في بشتشان وعلى يد عيسى سوار هذه الجرائم التي لم يثيرها رفيقكم حميد موسى . فيا أعزائنا من يقر للشعب الفلسطيني الشقيق والشعب اللبناني حق مقاومة الاحتلال لماذا تستكثرون على الشعب العراقي واحزابه وقواه الوطنية حق مقاومة الاحتلال وتدعون انه لاتوجد مقاومة ولكن هناك ارهابا وهذا الغمز جاء في بيانكم الختامي :
9- دعم نضال الشعب العراقي لأزالة الاحتلال الامريكي ومخلفاته عن العراق واقامة حكم وطني ديمقراطي فيه ، والحفاظ على وحدته أرضا وشعبنا ، وأدانة كل اشكال الارهاب التي يتعرض لها .
كيف يفهم الرفاق المحترمون دعم نضال الشعب العراقي للتخلص من الاحتلال ان لم يكن ذلك بدعم من يقاوم الاحتلال وليس بدعم من يشترك في مجلس حكم بريمر كما هو حال رفيقكم حميد موسى ، ادانة الارهاب الذي يستهدف المدنين شعبنا يميزه ويدينه وهو ليس بحاجة الى ان تبصروه في هذا المجال بل انتم بحاجة الى ان تراجعوا مواقفكم قبل ان تعقدوا مؤتمرا يدعو له الحزب اللبناني لليسار وعليكم ان تفتشوا عن يسار حقيقي مقاوم للامبريالية والرجعية والدكتاتورية في وطننا الكبير. وانتم ايها الاصدقاء تعقدون اجتماعكم في دمشق التي دعمت وتدعم المقاومات الوطنية العربية ألاتتذكرون ذلك عندما تمرون في الساحات العامة والتي تحمل بفخر أسماء ابطال المقاومة الوطنية السورية من أمثال سلطان الاطرش والاشمر والخراط وغيرهم ممن دافع عن الوطن وبذل الغالي والنفيس من اجل السيادة والاستقلال الوطني !
وكلمة اخيرة اقولها : المقاومة العراقية ليست بحاجة الى دعم من يشكك فيها وبتضحياتها وببسالتها المعهودة . فهي سائرة في طريق تحرير الوطن ويشهد على ذلك العدو قبل الصديق فطوبى للمقاومة الوطنية العراقية الباسلة .
*كاتب ومحلل سياسي عراقي