أخبار من مسلسل انتهاكات وفظائع الاحتلال
18/01/2010
لم تتوقف أخبار الانتهاكات والفظائع، في الشأن الانساني خصوصا، التي مارستها قوات الاحتلال في العراق ومن بينها القوات البريطانية، عن الانتشار. وتبث في مسلسل مرعب تكشفه وسائل الإعلام البريطانية ولجان التحقيق الرسمية، وتكاد تكون يوميا. وكما جرت العادة تتقدم السلطات الرسمية في مثل هذه الحالات، بالإنكار أو الادعاء بالمبالغة وبمحاولات تغيير الوجهة في المسؤولية عن تلك الجرائم. وفي كل الأحوال تظل هذه الأخبار جزءا من جبل الجليد العائم في بحر جرائم الاحتلال، وما يكشف منها، فضيحة رسمية لكل الادعاءات بالسلوك الإنساني والأخلاقي ونشر الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان. لاسيما وان لجنة التحقيق البريطانية في الحرب على العراق التي تتابع لقاءاتها مع صناع الكارثة تفضح كل مرة فصولا من جرائم الاحتلال وهي في سير يومياتها تثبت تلك الجرائم باشكال أخرى، ولابد ان تتحول هذه الشهادات الرسمية المثيرة إلى أحكام إدانة لكل مرتكبيها ومقرريها والبادئين في اتخاذ القرار فيها. وستبقى وصمة عار عليهم وعلى الصامتين أو المدافعين بخبث عنها.
بعد قصة الشاب العراقي بهاء موسى، واعتراف المحكمة البريطانية بالجريمة وتعويض عائلته لكسب صمتهم وإسكاتهم ومحاولة تزويق صورة إعلانية للعدالة الأوروبية باسم محكمة بريطانية ولجنة تحقيق. ورغم كل تلك الإجراءات ومحاولة التغطية على الجريمة وأسبابها ومسؤوليها وتحليل نتائجها ومنع تكرارها، تواصلت الوقائع بإعلان استمرار تلك الجرائم، حتى بعد اعتراف المحكمة ولجان التحقيق وانتباه وزارة الحرب والقيادات العسكرية لها ولتداعياتها الإنسانية والأخلاقية والقانونية عليهم، أفرادا وجيشا وسمعة بلادهم خارجيا. ولعبت وسائل الإعلام دورها في تسليط الأضواء عليها. فقصة قتل موسى، واعتراف الجندي البريطاني المتهم تفضح ثقافة التعذيب والإجرام التي قام بها جنود بريطانيون وبأوامر عليا من مرؤوسيهم. وحسب صحيفة التايمز البريطانية جاءت وفاة موسى بسبب تعرضه للتعذيب والضرب المبرح على يد جنود بريطانيين لمدة 36 ساعة والخنق في اللحظات الأخيرة من حياته. وذكرت الصحيفة بأن بهاء موسى كان قد اعتقل من قبل جنود بريطانيين في عام 2003 خلال عملية تفتيش في الفندق الذي كان يعمل به. ونقلت عن مسعفين ان الجنود البريطانيين أرغموه على ارتداء غطاء رأس، ومنعوه من النوم. ومن بعد فضيحة قصة بهاء موسى، توالت أخبار أخرى عن جرائم قتل وتعذيب في أكثر من سجن بريطاني داخل العراق، وبرزت أخبار فظائع على غرار أبو غريب. حيث أكدت صحيفة الاندبندنت البريطانية على ممارسات الجنود الوحشية وقصص التعذيب للمدنيين العراقيين. وقارنت الصحيفة بين رد الفعل الحالي على الجرائم وردود الأفعال على محاكمة سبعة جنود قبل ثلاثة أعوام اتهموا بقتل بهاء موسى عام 2003. وتم أثناء الشهادات التي قدمت خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي عرض فيلم يصور سجناء عراقيين مكممة رؤوسهم وربما كان موسى من بينهم حيث اجبروا على الجلوس بطريقة غير مريحة. فيما قدم دونالد بين، احد الجنود الذين حوكموا في المحكمة العسكرية حول القضية، شهادة قال فيها ان احد الضباط كان متورطا بتعذيب السجناء. وتزامنت شهادته مع الشهادات التي كشفت عنها صحيفة "اندبندنت اون صاندي" لعراقيين كانوا ضحية الانتهاك الجنسي والاغتصاب من قبل جنود بريطانيين. وردت وزارة الحرب أنها تحقق في "المزاعم" التي وردت في 33 حالة وحذرت من إصدار الأحكام المتعجلة على مزاعم لم تثبت صحتها بعد وأكدت ان أكثر من 120 ألف جندي خدموا في العراق والتزموا بأخلاق الجندية. (؟!) ورأت الصحيفة انه في الوقت الذي تظل فيه المحاكم المكان الأفضل للاستماع إلى تفاصيل الشهادات وفحصها قانونيا، فان غض النظر عن هذه الاتهامات يجب ان لا ينظر إليه على انه موقف مؤيد للجيش، كما يجب عدم النظر إلى الدعوات للتحقيق ومحاكمات الجنود المتورطين بانتهاكات على أنها تصرف غير وطني.
كتبت الصحيفة البريطانية ان الجيش الأمريكي سعى لتنظيف سجله بعد فضيحة أبو غريب، فعلى الجيش البريطاني القيام بمثل ذلك. ( رغم صعوبة نسيانها ومازالت تداعياتها سمة للسجون الأمريكية)! وفي حالة ظهور أي غموض قانوني حول أي من أساليب التعذيب فيجب اتخاذ الإجراءات المناسبة لتعديلها وتدريب المحققين واستمرار عمليات الإصلاح والتطوير داخل مؤسسة الجيش وخارجها.
الأخبار تتوالى بتنوع عن الجرائم والفضائح ومن بينها الاغتصاب والاعتداء الجنسي على المعتقلين، الذكور، وإرغامهم على التعري، والتعرض لانتهاكات مسجلة بصور فوتوغرافية من قبل الجنود البريطانيين. أي ان هؤلاء الجنود لا يكتفون بما يمارسون من وحشية في التعذيب والانتهاكات اللاأخلاقية بل يقومون بتوثيقها فوتوغرافيا، مما يجعل جرائمهم مؤكدة ولا تحتاج الى تدقيق.. وصرح المحامون عن الضحايا العراقيين انه منذ انسحاب القوات البريطانية من البصرة في الصيف استمعوا إلى مجموعة من الاتهامات بانتهاكات تعود إلى عام 2003.
ليس آخر الأخبار طبعا خبر قتل امرأة عراقية في البصرة. كما بيّن تحقيق رسمي بريطاني بعد تعذيبها على أيدي جنود بريطانيين قبل ثلاثة أعوام. وأفادت صحيفة الاندبندنت أن مقتل الجدة صبيحة خضر يعتبر من أسوأ الاتهامات بالانتهاكات التي تواجهها القوات البريطانية. حسب تقرير جنائي لم ينشر من قبل ورد فيه ان جثة الجدة ألقيت على قارعة الطريق في شهر نوفمبر/تشرين ثاني عام 2006 وقد اخترقتها رصاصة في منطقة البطن كما بدت على وجهها آثار التعذيب. ونسب التقرير إلى متحدثة باسم الوزارة البريطانية القول إن الضحية وقعت في مرمى النيران المتبادلة أثناء مداهمة جنود بريطانيين لمنزلها وأنها توفيت لاحقا في مستشفى عسكري. ولكن شهودا من عائلة الضحية يقولون إنهم شاهدوا جنودا بريطانيين يقتادونها بعد انتهاء المداهمة، وإنها كانت على قيد الحياة. وهكذا تأتي الأخبار عن هذه الانتهاكات والفظائع وتتواصل. وهي مسلسل آخر يصف الاحتلال وجوهره ويفضحه علنا وبجرائمه المشهودة!.
كاظم الموسوي
· بعد مقال عن غزة وذكرى العدوان عليها وآخر عن محاكمة بلير وهذا هو المقال الثالث الذي امتنعت جريدة خليجية عن نشره خلال الاسابيع الاخيرة. هل هذا جدار حصار اعلامي بعد جدار العار الفولاذي؟!!!!